العدد 1604 /6-3-2024
أيمن حجازي

حرك الموفد الرئاسي الأميريكي هوكشتاين الراكد السياسي اللبناني وجزم بأن هدنة غزة قادمة وأنه بصدد استكمال الموجبات اللبنانية لتلك الهدنة الموعودة. ويوحي ذلك الموفد لا بل يؤكد بأن الترسيم البحري الذي أنجز على يديه بين لبنان والكيان الصهيوني الغاصب، يجب أن يكتمل بخطوات برية حتى لو لم تسم ترسيما بريا للحدود بيننا وبين أعدائنا الصهاينة الذين يغتصبون أرض فلسطين. وتظهر براعة هوكشتاين وإتقانه لعمله الديبلوماسي من خلال دأبه وخطواته الواثقة وجرأته في التفاوض غير المباشر مع حزب الله الذي تصموه الإدارة الأميريكية بتهم إرهابية شتى إلى جانب حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.

وترتفع مائدة التفاوض الغنية بما لذ وطاب من بنود خلافية حاشدة، في عين التينة مع رئيس المجلس النيابي الذي يحتل الموقع الرسمي اللبناني الأول في ظل الشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من سبعة عشر شهرا ميلاديا ثقيلا. ولا يضير هوكشتاين أن يمر على السراي الكبير إن سنحت له الفرصة كي يقف على خاطر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يعاني ما يعاني من القوى السياسية المسيحية التي تعارض ممارسة صلاحياته في تولي شؤون السلطة التنفيذية (وفق الدستور اللبناني) بعدما طال غياب رئيس الجمهورية المفقود. وما كاد هوكشتاين أن يعيد تحريك عجلته السياسة في لبنان حتى اضمحلت تحركات كتلة الاعتدال الوطني التي كانت تحاول أن تملأ الفراغ السياسي القائم. وأفادت آخر المعلومات السياسية المتسربة أن جدول أعمال هوكشتاين قد اتسع ليشمل الموضوع الرئاسي اللبناني الى جانب الموضوع الحدودي بين لبنان والدولة الصهيونية. وقد حصل ذلك التوسع في جدول الأعمال بالتزامن مع الحديث عن تراجع دور اللجنة الخماسية العربية- الدولية التي كلفت سابقا بمعالجة موضوع الشغور الرئاسي اللبناني. لا بل أن بعض المعلومات تشير الى إنهاء دور هذه اللجنة وذلك خلافا لتحركاتها الأخيرة في بيروت التي توحي بأنها ما زالت على قيد الحياة. وذلك مع ملاحظة أن البعض كان يظن أن اللجنة الخماسية سيدعم عملها من خلال أن يكون هوكشتاين نفسه ممثلا للولايات المتحدة الأميريكية فيهذه اللجنة.

وأفادت بعض المعلومات المتوافرة أن الموفد الرئاسي الأميريكي قد أرسل إشارة "إستغراب" الى القوى المسيحية المعارضة... من خلال تساؤل الأخير عن الإنخراط في الحوار. وفي ذلك إشارة لوم لعدم إنخراط هذه المعارضة بما كان قد دعا اليه رئيس المجلس النيابي قبل بضعة أشهر الى حوار ينتهي بجلسة إنتخاب جدية وحاسمة لرئيس الجمهورية المقبل.

في خضم هذه الأجواء، برز مزيد من التناغم والتفاهم بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله أبوحبيب من جهة وحزب الله من جهة أخرى. حيث أكد ميقاتي في مقابلة تلفزيونية على حكمة حزب الله في معالجة الوضع الجنوبي وعلى حرصه في عدم الإنجرار الى حربا واسعة مع الدولة اليهودية. كذلك الأمر بالنسبة الى وزير الخارجية اللبناني الذي لم يظهر اي اعتراض على رفض وقف اطلاق النار في الجنوب طالما ان غزة ما زالت تشتعل بالنار الصهيونية. وفي كل ذلك تعبير عن انسجام وتناغم واضحين بين الدولة اللبنانية والمقاومة اللبنانية في هذه المرحلة تحديدا.

بعض "سييء" الظن والنية يهمسون في ترجمة موقف ميقاتي المتناغم مع موقف حزب الله، بأن الرجل يحجز مقعده في رئاسة الحكومة في العهد القادم الذي يبدو أن عهدا قريبا من حزب الله أو يطمئن اليه حزب الله الذي يخوض معركة كبرى على حدود فلسطين منذ خمسة أشهر نصرة لغزة. وهم لا يستطيعون قراءة موقف رئيس الحكومة الحالي خارج إطار المصالح السياسية الشخصية، بعيدا عن الإعتبارات الوطنية المتوجبة في حلبة الصراع مع الكيان الصهيوني.

لا يبدو أن هوكشتاين غير مرحب به في المحافل السياسية اللبنانية وهو الممثل اللطيف للإدارة الأميريكية ذات الوجه القذر الملطخ بدماء أطفال غزة وشيبها وشبانها ونسائها الثكالى. وهذا ما يقود الى القول بفعالية المساحيق التجميلية التي تزين عادة وجه الشيطان. انه هوكشتاين الذي يمثل أحد مساحيق الماكياج المستخدم من قبل الأميركي القذر.

أيمن حجازي