ايمن حجازي

ثمة سؤال كبير يطرح في الساحة المسيحية اللبنانية عن التغير الذي أحدثه وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى في ميزان القوى الطائفي داخل بنيان السلطة اللبنانية، وفي معالجة ما كان يطلق عليه الاحباط المسيحي الذي قيل انه أصاب مسيحيي لبنان اثر تطبيق الدستور الذي اتفق عليه في مؤتمر الطائف المنعقد في خريف عام 1989. وقد بات هذا الدستور متهماً بنزع صلاحيات الرئاسة الأولى واحالتها على الرئاسة الثالثة تحت غطاء وضع السلطة التنفيذية في عهدة مجلس الوزراء مجتمعاً، ما أدى وفق تقويم الكنيسة المارونية وقسم كبير من القوى والنخب السياسية المسيحية الى اعتبار أن الطائف قد ظلم المسيحيين اللبنانيين. في حين أن الطريقة التي أدار فيها السوريون الوضع اللبناني قد فاقم الخلل المشار اليه، علماً أن الصراع المسيحي - المسيحي الذي انتهت اليه الحرب الأهلية في عام 1990 لعب دوراً كبيراً في اضعاف الموقع المسيحي في السلطة اللبنانية.
ومن خلال تفحص الأداء السياسي العام للجنرال عون في خلال الأشهر القليلة الماضية، يمكن أن نرصد أداءً متماسكاً يستند إلى قوة ذاتية وعاملين اثنين ينبغي الاشارة إليها:
1- امتلاك العماد عون كتلة نيابية كبيرة وحضور شعبي واسع وحرص كنسي على دعم الرئاسة الأولى أياً يكن اسم ساكن قصر بعبدا. وهذا ما يمكن أن يترجم بقدرة أكبر على التأثير في مجريات الأمور وذلك خلافاً لأوضاع رؤساء الجمهورية الثلاثة الذين حلوا في قصر بعبدا بعد الطائف.
2- استناد الجنرال ميشال عون الى تحالف راسخ في معسكر الثامن من آذار بكل امتداداته الإقليمية والدولية في دمشق وطهران وموسكو وغيرها من العواصم, ما يوفر للرئيس الجديد امكانات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وكان البحث عن الرئيس المسيحي القوي هو الشغل الشاغل لمعظم الجهات المسيحية التي تناولت موضوع الاستحقاق الرئاسي في كل مرة حل فيها ذاك الاستحقاق. وللوهلة الأولى، يتبين لنا ان هناك فرقاً بين ميشال عون وغيره من رؤساء الجمهورية وأن الدور السلطوي الذي يلعبه أكثر فاعلية من أدوار الرؤساء السابقين الذين تولوا الرئاسة الاولى بعد الطائف.
ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن الرئيس عون يلقى معارضة من المعسكر الاقليمي والدولي الذي يناوئ المحور الروسي - الايراني - السوري, بل على العكس من ذلك فإن الرئيس الحالي للجمهورية اللبنانية يمكن أن يشكل قاسماً مشتركاً بين هذين المعسكرين الدوليين، وهذا ما يمنحه قوة اضافية لا بدّ أن تعزز له وضعه في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
ويمكن أنصار الجنرال عون أن يعتدّوا بأن تيارهم لا يلقى الدعم المجاني من حلفائه وحسب، بل إنه من موقعه يوفّر غطاءً شعبياً وسياسياً للمقاومة التي يمثلها حزب الله ضد الاحتلال الأسرائيلي ولكافة الأدوار الأخرى التي يقوم بها حزب الله في سوريا وغيرها من الساحات الملتهبة في الاقليم. ويمكننا الارتكاز على كل ما تقدم أن الرئيس ميشال عون الحاضر بقوة شعبياً ونيابياً والمتصالح مع أعتى خصومه المسيحيين قادر على الإطلالة على الساحة المسيحية والقول بأنه حقق نقلة نوعية وازنة لا يمكن انكارها أو التغاضي عنها.