ايمن حجازي

حكومة تصريف اﻷعمال جديرة بالحياة

فرضت الرحلات الرسمية اللبنانية تجميدا للموضوع الحكومي المتعثر منذ أكثر من ثﻻثة أشهر ، دون أن يعني ذلك تغيبا للحديث السياسي من قبل الرئاستين اﻷولى والثالثة حول هذا الموضوع . فالرئيس ميشال عون الذي قصد البرلمان اﻷوروبي من أجل إلقاء كلمة احتل فيها موضوع النازحين السوريين حيزا كبيرا ، تطرق في الطائرة للموضوع الحكومي مؤكدا على تعديل الصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية قبل حوالي اﻷسبوع من الزمن . كما أنه تطرق الى موضوعات سياسية محلية خلال القائه كلمة أمام الجالية اللبنانية مدافعا فيها عن العهد .

أما رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فقد قصد ﻻهاي من أجل حضور افتتاح المرافعات النهائية للمحكمة الدولية المتعلقة بلبنان وباغتيال الرئيس رفيق الحريري وسلسلة اﻻغتياﻻت التالية التي طالت شخصيات سياسية وأمنية لبنانية مختلفة . وأكد ردا على سؤال حول مستقبل عﻻقته بحزب الله اثر صدور قرارات المحكمة الدولية المرتقبة ، " أنه في الموقع الذي يحتله ﻻ ينبغي أن يخضع للعواطف " ... ما يؤكد على أن الحريري لن يفسح في المجال ﻷية قرارات صادرة عن المحكمة الدولية بأن تؤثر سلبا على اﻻستقرار النسبي الذي يعيشه لبنان منذ ما قبل التسوية الرئاسية التي تكاد أن تنهي عامها الثاني .

هذه التسوية التي باتت في حسابات البعض مهددة من جراء تعثر القيامة الحكومية الموعودة ، استنادا الى التجاذب السياسي المحتدم بين القوى الرئيسية في الساحة السياسية اللبنانية . والمعروف أن هذا التجاذب يطال ميزان القوى داخل الحكومة القادمة حيث تعتبر بعض القوى وفي مقدمتهم قدامى معسكر 14 أذار معرضة للحصار والتحجيم والتهميش ، في حين تعتبر قوى أخرى وفي مقدمها قدامى معسكر الثامن من أذار بأنها معرضة لخطف وانتزاع نصر انتخابي حققته في انتخابات السادس من شهر أيار الماضي .

وﻻ ينبغي أن ننسى رحلة وزير الخارجية جبران باسيل لرعاية وترؤوس احدى مؤتمرات الطاقة اﻻغترابية التي ازدهرت منذ وصول الوزير باسيل الى سدة وزارة الخارجية وهو دائم التناول للشؤون السياسية المحلية في بﻻد اﻻغتراب . هذا في الوقت الذي يلتزم فيه باقي أركان السلطة مراكزهم وأماكن اقامتهم وترفيههم في ربوع الوطن الحبيب الذي يشتاق الى وﻻدة حكومته القادمة وﻻدة عسى أن تكون غير قيصرية في قابل اﻷيام أو اﻷسابيع أو الشهور ... وذلك من ضمن حتمية اقليمية - دولية تحول دون اضطراب الوضع اللبناني اضطرابا يطيح بالهدوء واﻻستقرار النسبيين القائمين في بﻻد اﻷرز وفق تﻻقي مصالح الدول وتقاطعها .

كيف يمكن للمعضلة الحكومية اللبنانية أن تحل ؟ بعض العباقرة في التحليل السياسي يربط بين وﻻدة الحكومة العراقية المستعصية وبين وﻻدة الحكومة اللبنانية . وبعض الذين يحتلون الشاشات يأخذوننا الى اليمن وبعضهم اﻵخر الى إدلب وملحمتها الموعودة أو تسويتها المفقودة بحثا عن فانوس سحري يأذن بالوﻻدة الحكومية الميمونة التي ﻻ يعلق عليها أحدا من اللبنانيين آماﻻ كبيرة بل انه مجرد استحقاق ينبغي حصوله ... واﻻ فان حكومة تصريف اﻷعمال القائمة يمكن اعتبارها حكومة أنيقة ورشيقة وجديرة بمزيد من العيش والبقاء على قيد الحياة وذلك تحت وطأة السؤال الكبير : ما الذي سيتغير باﻻتجاه اﻻيجابي ان حظينا بحكومة جديدة ؟ ﻻشيء البتة ...