العدد 1597 /17-1-2024
أيمن حجازي

برز في الأسبوع الأخير إشادة رسمية لبنانية بحزب الله نطق بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال وجوده في ملتقى دافوس . وتتعلق هذه الإشادة بموقف الحزب من الوضع في جنوب لبنان ، الذي اتسم بالسعي لإقامة حالة توازن بين الإلتزام المبدئي بنصرة غزة الجريحة وبين ما يطلق عليه المصلحة الوطنية اللبنانية التي تتطلب تجنيب لبنان الإنخراط في حرب شاملة على شاكلة حرب صيف ٢٠٠٦ المدمرة . وقد ترجم هذا التوازن المنشود بجعل المعركة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة ذات طابع عسكري بحت من قبل حزب الله . على الرغم من أن الجيش الصهيوني لا يعمل بشكل جدي على تجنيب المدنيين اللبنانيين نيران سلاحه البري والجوي . كما أن المدى الذي تعمل في ميدانها المقاومة اللبنانية محدد وهو قابل للتعديل وفق الحاجة العسكرية ووفق مقتضيات الرد على الخطوات العدوانية الصهيونية .

ويبدو أن الموقف الرسمي اللبناني متفاهم عليه بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري وهما ركني السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل غياب رئيس للجمهورية . وقد بلغ الإنسجام في الموقف الرسمي اللبناني أن دفع بالرئيس ميقاتي وخلال وجوده في ملتقى دافوس أيضا ، أن طالب بوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة حتى تتوقف المواجهات على الجبهة الجنوبية اللبنانية . ولا يبدو ان هذا الموقف الرسمي اللبناني يحظى على تأييد القوى التي كانت منخرطة في معسكر الرابع عشر من أذار ، حيث تعمد هذه القوى الى شن حملات مضادة ضد أي موقف ميداني داعم لغزة انطلاقا من الآراضي اللبنانية . وهي تدأب على التحرس السياسي والإعلامي بحزب الله وبكل العاملين ضد الصهاينة إنطلاقا من جنوب لبنان . ولا يقتصر هذا الفريق من القوى السياسية على قوى مسيحية كحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحزب الأحرار بل يشمل نوابا وساسة يحملون الهوية الإسلامية مثل أشرف ريفي وفؤاد مخزومي والرئيس فؤاد السنيورة وآخرين ممن ينسجمون مع مواقف ذلك الفريق السياسي الذي يكرر تجربة اليمين الإنعزالي المعادي لكل ما يتصل بالقضية الفلسطينية ويتعايش مع دعوات ما يسمى بالتصالح مع الكيان الصهيوني . هذا في الوقت الذي يتميز فيه موقف التيار الوطني الحر عبر تعاطف واضح مع الشعب الفلسطيني مشوب بتحفظ بين على ما يطلق عليه جر لبنان الى حرب مدمرة مع الكيان الصهيوني .

في هذا الوقت تبدو الساحة الداخلية اللبنانية تعيش الستاتيكو نفسه الذي عاشته قبل السابع من أكتوبر الماضي ، فما زال الموضوع الرئاسي مجمد والسعي مستمر لمعالجة موضوع الشغور في رئاسة أركان الجيش اللبناني بعد أن تمت معالجة معضلة الشغور الخطر في قيادة الجيش اللبناني والذي تم تلافيه قبل نهاية العام الفائت . وقد سجل في المشهد السياسي الداخلي استمرار الإنفتاح بين تيار المردة والحزب التقدمي الإشتراكي حيث أقدم الزعيم الزغرتاوي سليمان فرنجية ونجله طوني على رد زيارة تيمور جنبلاط الى بنشعي بتلبية دعوة العشاء في كليمنصو على مائدة وليد جنبلاط ... تم كل ذلك تحت عنوان العلاقة العائلية الوثيقة بين آل فرنجية وآل جنبلاط . ولكن الواضح أن ترجمة ذلك سياسياعلى صلة تكتيكية بحل مشكلة الشغور في رئاسة الأركان وعلى صلة استراتيجية برئاسة الجمهورية ، علما أن التاريخ يقول بأن سليمان فرنجية الجد كان قد فاز في عام ١٩٧٠ برئاسة الجمهورية بصوت كمال جنبلاط . فقد نال سليمان بيك خمسين صوتا في مقابل ٤٩ صوتا لمنافسه الياس سركيس . ولنا في التاريخ مدرسة ودروس .

أيمن حجازي