العدد 1607 /27-3-2024
د. وائل نجم

كأنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي ردّ على قرار مجلس الأمن القاضي بوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة بمزيد من المجازر سواء في أنحاء القطاع أو حتى هذه المرّة في جنوب لبنان.

فقد استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي في الساعات الأولى من فجر يوم الأربعاء مركزاً صحيّاً يقدّم الخدمات الصحيّة والإنسانية في بلدة الهبارية في الجنوب ما أدّى إلى سقوط سبعة شهداء من المسعفين المناوبين في المركز، فضلاً عن الذعر والخوف الذي خلّفته الغارة في أوساط الأهالي.

من الواضح أنّ حكومة الاحتلال لا تأبه لقرارات الشرعية الدولية ولا إلى قرارات مجلس الأمن ولا تقيم اعتباراً سوى لمصالحها، ولا تفهم سوى منطق القوّة أيضاً. كم وأنّه من الواضح أنّ هذه الحكومة أمنت العقاب فأسأت الأدب وارتكبت المزيد من المجازر لأنّها تدرك أنّ أحداً من هذا العالم أو ما يُسمّى المجتمع الدولي لن يسألها أو يعاقبها على جرائمها، فهي قد اقترفت عشرات المجازر في فلسطين وفي جنوب لبنان منذ بداية عدوانها على غزة، والمجزرة ما زالت مستمرة ومتواصلة وهي في مأمن من العقاب لأنّ الفيتو الأمريكي حاضر في مجلس الأمن، وإن كان في الجلسة الأخيرة هرب إلى مربع الامتناع عن التصويت لصالح وقف إطلاق النار من دون أن يدين المجازر.

حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي لجأت إلى ارتكاب هذه المجزرة في جنوب لبنان بحقّ مسعفين لأنّها باتت محشورة بشكل كبير في غزة وفي جنوب لبنان، وهي تدرك أنّ فشلها في حربها على غزة وعلى الجنوب لن يوفّر لها الأمن فضلاً عن البقاء، فلجأت إلى سياسة الأرض المحروقة والمجازر المروّعة علّ ذلك يخيف الشعبين الفلسطيني واللبناني ويعيد عقارب الزمن إلى الوراء.

إنّ لجوء الاحتلال إلى ارتكاب المجازر يعكس حجم المأزق الذي يعيشه وحجم الإرباك الذي يسيطر عليه، وهو الذي لم يحصد حتى الآن سوى الخيبات والفشل من كلّ حركته وعدوانه، وهو الذي م يبرع سوى في ارتكاب المجازر وحروب الترويع والتجويع والتركيع.

المجزرة مستمرة والصمود والعطاء مستمران أيضاً. الشعب الفلسطيني يسطر أروع أنواع البطولة بصموده وتضحيته وعطائه؛ والشعب اللبناني شريك له في هذا الصمود والعطاء وهو الذي يدرك جيداً أطماع الاحتلال بأرضه ومياهه وثرواته، ولذلك وقف مدافعاً عن أرضه وناصراً لشقيقه الشعب الفلسطيني.

ما يجري في غزة وفي جنوب لبنان يرسم معالم المرحلة المقبلة في المنطقة وليس في فلسطين ولبنان فحسب، ولذلك فإنّ الاحتلال يمعن في جرائمه مدعوماً من الدول الشريكة له والمدافعة عنه، والشعب اللبناني والشعب الفلسطيني يتمسّكان بحقوقهما لأنّهما لا يملكان سوى ذلك، فإذا كان الاحتلال مستمر في مجازره فإنّ اللبنانيين والفلسطينيين مستمرّون في صمودهم حتى النصر ودحر الاحتلال.

د. وائل نجم