العدد 1595 /3-1-2024

اغتالت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في انفجار هزّ الضاحية الجنوبية في بيروت.

ويأتي هذا الاغتيال متسقاً مع تهديد كان قد أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أواخر شهر أغسطس/آب 2023 باغتيال صالح العاروري، الذي اتهمته إسرائيل بالوقوف خلف هجمات نفذتها حركة حماس في الضفة الغربية خلال العام الماضي.

وقال نتنياهو في حينه إنه سمع تصريحات العاروري "المختبئ في لبنان"، على حد وصفه، مضيفاً: "مَن يحاول إيذاءنا، مَن يموّل، من ينظِّم أو يقف خلف الإرهاب ضد إسرائيل، فسيدفع الثمن غالياً". وجاءت تصريحاته في ظل موجة تحريض واسعة ضد العاروري ودعوات لاغتياله، لتردّ حركة حماس بأن تهديدات نتنياهو "سخيفة"، وأن أي استهداف من الاحتلال للعاروري سيواجه بردّ لا يتوقعه. فيما علّق العاروري نفسه على هذه التهديدات، قائلاً: "الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ورئيس حركة حماس الأسبق الشيخ أحمد ياسين وأبو علي مصطفى وأغلب القيادات الفلسطينية استشهدوا، ودماؤنا وأرواحنا ليست أغلى من دم أي شهيد، والشهيد الذي سبقنا بيوم أفضل منا".

وعقب اغتياله، قال القيادي في حركة حماس عزت الرشق، اليوم الثلاثاء، إن "عمليات الاغتيال الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا، أو النيل من استمرار مقاومته الباسلة، وهي تثبت مجدّداً فشل هذا العدو الذريع في تحقيق أيّ من أهدافه العدوانية في قطاع غزّة". فيما قال النائب في "حزب الله" اللبناني، حسين جشي لـ"العربي الجديد" إن "الحزب سيردّ على الاغتيال، وهذا محسومٌ، وتبقى الأمور تقدّر بقدرها".

من هو صالح العاروري؟

صالح العاروري هو قيادي سياسي وعسكري فلسطيني، ولد في قرية عارورة، قرب رام الله، في يوم 19 آب/ أغسطس من عام 1966، وحصل على درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة الخليل التي قاد فيها العمل الطلابي الإسلامي عام 1985، حيث التحق بجماعة الإخوان المسلمين وهو في سن مبكرة، وانضم إلى حركة حماس عام 1987، وهو عضو في المكتب السياسي لها منذ عام 2010.

يعتبر من مؤسسي كتائب "عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991 ـ 1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.

اعتقله الجيش الإسرائيلي إدارياً (دون محاكمة) لفترات محدودة خلال الفترة الممتدة بين عامي (1990 ـ 1992)، على خلفية نشاطه بحركة حماس.

وفي عام 1992، أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقاله، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة تشكيل الخلايا الأولى لكتائب القسام بالضفة، وبرز طوال فترات اعتقاله في قيادة الحركة الأسيرة وعمليات النضال ضد إدارات السجون.

وأفرج عن العاروري عام 2007، لكن إسرائيل أعادت اعتقاله بعد ثلاثة أشهر لمدة 3 سنوات (حتى عام 2010)، حيث قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج فلسطين، فرحل إلى سورية واستقر فيها ثلاث سنوات، قبل أن يغادرها ويعيش متنقلاً بين عدة دول، ثم انتقل إلى لبنان الذي لعب فيه دوراً مهماً في إزالة الخلافات التي شابت العلاقة بين حماس وإيران عقب الثورة السورية، كما عمل على إقامة علاقات أوثق مع حزب الله اللبناني، وبقي في لبنان حتى اغتياله.

وكان العاروري أحد أعضاء الفريق المفاوض من حركة حماس لإتمام صفقة تبادل الأسرى عام 2011 مع إسرائيل بوساطة مصرية، التي أطلقت عليها حركته اسم "وفاء الأحرار"، وتم بموجبها الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كان أسيراً لدى الحركة، مقابل الإفراج عن 1027 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

انتخبه مجلس شورى حماس نائباً لرئيس المكتب السياسي للمرة الأولى في 9 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، وفي 31 يوليو/تموز 2021 أعيد انتخابه نائباً لرئيس المكتب السياسي، بالإضافة إلى شغله منصب رئيس الحركة بالضفة الغربية، حيث انتخب رئيساً لإقليم الضفة الغربية في حماس، في 4 يوليو/ تموز 2021.

وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في نوفمبر/تشرين الاثني 2018 رصد "مكافأة" قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن العاروري، إضافة إلى قياديين في حزب الله اللبناني، وقبل ذلك كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أدرجته ضمن قوائم الإرهاب لديها عام 2015، كما صنفته وزارة العدل الأميركية عام 2003 كـ"متآمر في قضية تتعلق بتمويل الإرهاب" لارتباطه بثلاثة من نشطاء تابعين لحماس في شيكاغو، على حد زعمها.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن 6 من قادة حركة "حماس" الفلسطينية "في مرمى النيران الإسرائيلية"، بينهم العاروري، عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من الشهر ذاته.

وأكدت الصحيفة إن العاروري "هو الرجل الثاني في حماس، وهو المسؤول عن أنشطة ذراعها العسكرية في الضفة الغربية".

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فجر جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل العاروري، في بلدة عارورة، وذلك بعد أيام من عملية واسعة النطاق ضد نشطاء حماس في القرية وتحويل المنزل إلى مركز للتحقيق معهم.