العدد 1578 /6-9-2023
أواب ابراهيم

بدأ شهر أيلول بوعود جدّية تضجّ بها الكواليس السياسية بأنّه شهر الحسم الرئاسي. إلّا أنّه لا شيء في لبنان محسوم مع حجم التشابكات السياسية الداخلية والخارجية. بعد جولات دبلوماسية مفصليّة رافقت الأيام الأخيرة، سيفتتح شهر أيلول فصلاً جديداً في لبنان، فصل نهاية الدور الفرنسي بأحاديّته وبدء فصل جديد للّجنة الخماسية، إلى جانب الحوار.

الذي أصبح باختلاف أنواعه، مدخلاً للبحث عن حلّ للأزمة السياسية القائمة. يتخذ الحوار أشكالاً متعددة، سواء كان بأبعاد إقليمية ودولية، أو أبعاد داخلية. فما بعد الاقتراح الفرنسي بدعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى ورشة عمل على طاولة حوار، جاء تركيز رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر على ضرورة عقد حوار لمدة سبعة أيام يليها الذهاب إلى جلسات متتالية.

لكن، بدعوته إلى الحوار، يكون رئيس فريق الحوار في "الممانعة"، الرئيس نبيه بري، قد استعاد لعبة باتت سمجة، لطالما لجأ إليها كلما أراد تغيير بوصلة الأحداث. فتجاوزاً للعيب المتمثل بقيام رئيس البرلمان، بإسقاط شرعية البرلمان، وبنزع الصفة البرلمانية عنه، سيؤدي هذا المهرجان إن حصل، إلى تأكيد أنّه لا توجد مؤسسات في لبنان، وأنّ مجلس النواب على وجه التحديد، هو مؤسسة معفية من القيام بواجباتها، وأنّه الظل الباهت لمؤسسة الحوار.

في موازاة الدعوة إلى الحوار في الداخل، تتجدد الرهانات على حوارات الخارج: إما الحوار السعودي الإيراني، الذي يركز العديد من اللبنانيين على أنه قد فتح وطاول الملف اللبناني انطلاقاً مما أعلنه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، وإما الحوار الإيراني الأميركي، والذي يمكن بموجبه ان يتم الوصول إلى ترتيبات معينة على وقع الحوارات المفتوحة، ثنائياً أو جانبياً، وفي ظل الدعوات إلى حوارات موسعة، تتغلب الأسئلة على الأجوبة. فهل يمكن للحوار السعودي الإيراني أن يؤدي إلى تسوية في لبنان؟ وإذا ما صحت المعلومات المتداولة حول مساع إيرانية لفتح قناة تواصل مباشر بين السعودية وحزب الله من شأنها البحث في ملفات كثيرة عالقة سواءً كان ذلك في اليمن أم في لبنان، فهل يمكن لذلك أن يقود إلى إيجاد حل سياسي، خاصة أن هناك من يتحدث عن احتمال جدّي لحصول تقاطع إقليمي دولي داخلي حول الرئاسة سيظهر في دور قطري سينتج عن تقاطع أميركي سعودي أوّلاً وينطلق من حسن التفاوض القطري مع إيران. وسيتظهّر ذلك في دور تلعبه الدوحة، خاصة أنها عيّنت سفيرها الجديد وهو المقرب من الديوان الأميري القطري بعدما كان يشغل منصب مدير مكتب أمير قطر. وهو سفير فوق العادة يصل على الرغم من شغور موقع رئاسة الجمهورية. إلى جانب الزخم القطري بتعيين السفير، يعوّل كثيرون على دور المقبل لموفد قطري يصل إلى بيروت الشهر الجاري لمحاولة ترميم أنقاض الدور الفرنسي.

لكن، ليس بالضرورة أن تقود المساعي إلى نتيجة في شهر أيلول، طالما أن مواقف الأفرقاء لا تزال على حالها، وسط رفض من قبل المعارضة للمشاركة في الحوار. فما بين التقاطعات أو التزامن في الزيارات، كانت جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة للتجديد لقوات الطوارئ الدولية، تفضي إلى نتيجة واضحة تتعلق بالتلاقي الأميركي مع دول عربية وغربية في مواجهة الموقف الفرنسي، الذي كان مستجيباً للمطالعة اللبنانية في التخفيف من وقع القرار وآلياته وبنوده.

ففي مقابل كل الآمال بفتح ثغرة في جدار الشغور الرئاسي، وبالنظر إلى المعطيات المتوفرة على أرض الواقع، فإن غالبية القوى السياسية تجزم بأن لا شيء جديد قد حصل، ولا توقعات بإمكانية الوصول إلى اتفاق نظراً للتباعد في المواقف والتوجهات أولاً، وبسبب رفض قوى متعددة الذهاب إلى الحوار ثانيا.ً

أوّاب إبراهيم