العدد 1572 /26-7-2023
أواب ابراهيم

يعود الموفد الرئاسي الفرنسي وقد سبقه اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، والبيان الذي صدر عن المجتمعين وشكّل مفترقاً، إذ إنّه استبعد فكرة الحوار التي كانت طرحتها فرنسا. لم يحقّق اجتماع الدوحة الكثير، ولم يعلن تفويض فرنسا وموفدها، بل أتى بمثابة ورقة نعي لمبادرة فرنسا القديمة أو مسعاها الذي حاولت طرحه في اللجنة الخماسية فلم تجد من يلاقيها إلى منتصف الطريق. فبعد أشهر على إنشائها هذا الإطار التنسيقي حول لبنان دعمت الدول الخمس استمرار مبادرة فرنسا لأنّها الوحيدة التي خصّصت وقتاً وكلّفت فريقاً رئاسياً لأزمة لبنان مع تفهّم العواصم الأخرى للعلاقة الخاصّة لباريس مع لبنان من جهة، ولأنّ لهذه الدول أولويات أخرى غير لبنان، من دون أن يعني ذلك التسليم الكامل بما يسعى إليه الجانب الفرنسي.

لكن، ليس معروفاً ما الذي سيحمله لودريان للبنان ويتباحث في شأنه مع السياسيين، كما أنه لا أحد يعوّل على الزيارة، والكلّ يسلّم بأنّ انتخابات الرئاسة رحّلت إلى موعد غير مسمّى، وأنّها باتت رهن تطوّرات التواصل الأميركي- الإيراني لحلحلة المسائل العالقة والمتّصلة بالمنطقة، ومنها لبنان. لكن زيارة لودريان الثانية تأتي وفق البيان الفرنسي الرسمي، بمثابة عود على بدء، ليعود ويبحث ويحاول إيجاد الظروف في بلد عصيّ على الحل بوجود فريقين يملك كلاهما القدرة على التعطيل. سيلاقي لودريان، رفضاً لتمرير الطروحات الفرنسية، التي رُفضت من باب الدوحة، والتي سيتعذّر القبول بها من "شباك" المبادرة الفرنسية التي حاصرت نفسها بنفسها، قبل أن تواجَه في الدوحة برفض رُباعي محكم. خاصة أن اجتماع الدوحة لم يخرج باقتراحات عمليّة محدّدة في شأن ترشيح اسم للرئاسة ولا في غيره من الأفكار التي طُرحت قبل انعقاده. بل ركّز على معالجة التباينات في المقاربات بين الدول الخمس المجتمعة، حين طرحت باريس فكرة المقايضة بين الرئاسة الأولى ورئاسة الحكومة، أي معادلة سليمان فرنجية - نواف سلام، ولم يقبل بها ممثّلو الدول الأربع الأخرى كلّ على طريقته. لذلك ستكون عودة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى بيروت محفوفة بالمخاطر والصعوبات المحليّة والتجاذبات الإقليمية المتصاعدة، أكثر منها بالتسهيلات ومناخات الاسترخاء التي خيّمت على المشهد الإقليمي الدولي قبل شهرين.

لذلك، لا يمكن أن يكون الحراك الفرنسي وحيداً، سيكون هناك تحركات أخرى، لقوى إقليمية ودولية قادرة على التواصل مع جهات مختلفة ومتعددة، لوضع أسس حول هذا التقارب المطلوب، على قاعدة منع لبنان من الانهيار أكثر وتفادي ضرب الاستقرار. وهو أمر أجمعت عليه الدول الخمس التي اجتمعت في الدوحة. في هذا السياق، برز تطور أساسي يتعلق بزيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى إيران. وذلك للبحث في ملفات متعددة، أهمها الدور الذي تقوم به قطر على صعيد إعادة إحياء المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. وهو ما أكدت عليه الخارجية الإيرانية في ما بعد، ببيان واضح حول ترحيبها بالدور القطري بهذا المجال. وزير الدولة في الخارجية القطرية هو المسؤول عن الملف اللبناني، وهو الذي زار لبنان من قبل، وترأس الاجتماع الخماسي في الدوحة، فيما زيارته إلى ايران هي الثانية منذ تسلمه منصبه وتوليه الملف اللبناني، وسط معلومات تفيد بأن قطر وحدها هي القادرة على لعب دور إيجابي يحقق نتائج على المستوى السياسي. كل ذلك يتزامن مع تعيين أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني سفيراً جديداً مفوضاً فوق العادة لبلاده في لبنان هو سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. السفير الجديد كان يتولى مهام رئيس الديوان الأميري في قطر، وهو من المناصب القطرية العليا، وهو يتابع جميع الملفات التي يتابعها أمير قطر ومنها لبنان.

أوّاب إبراهيم