العدد 1577 /30-8-2023

رغم اقتراب أفول شهر آب ومعه الإجازة الصيفية، فإنّ أي مؤشرات جدّية لم تظهر حول خطوات حاسمة تجاه الأزمة الرئاسية في لبنان، وعلى رغم من ذلك، ثمّة محطات لا بد من التوقف عند معانيها.

أولى هذه المحطات تختبئ بعد أيام قليلة، في نهاية الشهر الجاري مع القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن الدولي حول التجديد لقوات الطوارئ الدولية "اليونيفل" العاملة جنوب لبنان. أهمية هذه المحطة هي باستكشاف المناخ الدولي حول ما إذا كانت الأمور ذاهبة في اتجاه الصدام، أم تدوير الزوايا وإيجاد الحلول ولو على قاعدة نسج معادلة جديدة بشروط مختلفة. وكان متوقعاً أن ترفع الولايات المتحدة الاميركية من سقف شروطها وتلمّح للذهاب إلى الفصل السابع، بعد طلب لبنان العودة عن التعديلات التي كانت أدخلت العام الماضي على تحركات قوات الطوارئ من دون التنسيق مع الجيش اللبناني. وخلال السنة الفائتة تعاملت القوات الدولية بواقعية مع التعديل الذي حصل ولم تطبّقه، لا بل استمرت بالعمل وفق السلوك المتّبع. البعض اعتبر أن هدف التصعيد الأميركي هو إلغاء المطالبة اللبنانية بالعودة عن الفقرة المعدلة، والاستمرار بالأمور كما هي حاليا.

راهن حزب الله على الاتصالات التي أجراها مع الدبلوماسية الفرنسية في إطار قنوات التواصل المفتوحة بينه وبين السفارة الفرنسية في بيروت، وربما عبر قنوات أخرى أيضاً، على أن تأخذ باريس بالطلب اللبناني الرسمي تغيير ما جاء في قرار مجلس الأمن الرقم 2650 الصادر في 31 آب 2022 بالتجديد لولاية قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان "اليونيفيل" الموجودة وفق قرار المجلس الرقم 1701 عام 2006.

التغيير الذي أراده الحزب في نص القرار المقبل، الذي يفترض أن يصوّت عليه مجلس الأمن بالتجديد السنوي لـليونيفيل، يتناول ما جاء في الفقرة 16 من قرار السنة الماضية ولاسيما النص على أن "اليونيفيل لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل".

والعبارتان يغلب عليهما الموقف السياسي، أكثر من الأمني، وكانتا بمثابة تنبيه إلى الحكومة اللبنانية والحزب، لأنّ قيادة اليونيفيل أبلغت السلطات اللبنانية التي احتجّت على إضافتهما، أنهما لن تغيّرا في الأصول المتبعة حتى تاريخه، أي أنّ الدوريات الأممية تتم بالتنسيق مع الجيش اللبناني، الذي يثني الجنود الدوليين أحياناً عن خرق خصوصيات بعض المنازل.

لذلك، يعتبر كثيرون أن كل الجدل الدائر اليوم حول صيغة التجديد لـليونيفيل لا يعدو كونه زوبعة في فنجان. فلا الأميركيون يريدون الذهاب في التحدي إلى الحدّ الأقصى ولا حزب الله. وأما حديث وزير الخارجية اللبناني عن صيغة للتجديد تعتمد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فلا يبدو واقعياً في الأساس، لأن أحداً لم يتداول بهذه الصيغة فعلاً. ويوحي كلامه أنّ لبنان أراد "تكبير الحجر"، رداً على فعل مُماثل من جانب الولايات المتحدة، عندما دعت إلى اعتماد صيغة تمنح "اليونيفيل" مزيداً من الاستقلالية في حركتها.

والأرجح أنّ التشدد المتبادل سينتهي بتثبيت النص الساري المفعول حالياً، أي الذي تم اعتماده العام الفائت، والذي يسمح للقوات الدولية بهامش حركة أوسع بمعزل عن التنسيق مع الجيش اللبناني. فالصدامات الدموية التي جرت بين "الأهالي" ودوريات "اليونيفيل" انتهت كلها بـ"اللفلفة" على الطريقة اللبنانية، ولم تظهر لدى قوات اليونيفيل أي رغبة في تغيير قواعد الاشتباك أو خلق تشنّج مع البيئة الشعبية والسياسية الحاضنة في مناطق انتشارها.

أوّاب إبراهيم