العدد 1607 /27-3-2024
بسام غنوم

مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة يومها ال172، يواصل الجيش الإسرائيلي لليوم التاسع على التوالي اقتحام مستشفى الشفاء وبدأ أيضا اقتحام مستشفيين آخرين هما مستشفى الأمل في خان يونس والنصر في مدينة غزة.

وعلى المقلب الآخر أي على صعيد المفاوضات الجارية في قطر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، تبدو الأمور غير مطمئنة بل يمكن القول إنها وصلت إلى طريق مسدود، في ظل المحاولات المتكررة للعدو الصهيوني بالتوافق والتضامن مع الإدارة الأميركية من أجل محاولة الوصول إلى اتفاق يحقق كل نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة، ولا يستجيب أبدا لمطالب حركة المقاومة الإسلامية حماس والتي تتلخص بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وعودة النازحين إلى كل مناطق القطاع وخصوصا في شمال غزة، وإعادة الإعمار، وإيصال المساعدات، وأخيرا الإفراج عن الاسرى في السجون الاسرائيلية.

ورغم إبداء حركة حماس مرونة كبيرة في المفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق يضمن وقفا لإطلاق النار في غزة، إلا أن العدو الإسرائيلي ما زال يماطل ويناور ويأتي في كل يوم بشروط ومطالب جديدة تلغي ما كان تم التوافق عليه سابقا، مما يؤكد أن إسرائيل لا تريد الوصول إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وأنها تريد الاستمرار بعدوانها من أجل محاولة تحقيق انتصار ما بعد فشلها طوال الأشهر الماضية في تحقيق أهدافها المعلنة بالقضاء حركة حماس وتحرير الأسرى لدى كتائب القسام.

وفي هذا الإطار يدخل التهويل الإسرائيلي اليومي باجتياح رفح من قبل العدو الإسرائيلي، ولا يكاد يمر يوم إلا ويخرج علينا نتن ياهو بتهديدات بقرب اجتياح رفح من أجل القضاء على آخر أربعة ألوية عسكرية لحماس في غزة، ويؤكد أن اجتياح رفح سيحقق النصر لإسرائيل على حركة حماس.

لكن هل هذا ممكن في ظل الرفض والتحذيرات الدولية من اجتياح رفح؟

في هذا الإطار تؤكد مصادر إسرائيلية أن التهديد باجتياح رفح من قبل نتن ياهو غير ممكن دون موافقة الإدارة الأميركية، حيث استبعد الرئيس السابق لدائرة التخطيط في قيادة أركان الاحتلال اللواء احتياط نمرود شيفر هجوما إسرائيليا واسعا في رفح جنوبي قطاع غزة لا يلقى ضوءا أخضر أميركيا، ودعا إسرائيل إلى اتفاق يعفيها من خوض حرب كبرى ضد حزب الله تدفع فيها أثمان وصفها بالباهظة للغاية.

وفي لقاء مع إذاعة "103 إف إم" التابعة لصحيفة معاريف، قال شيفر إن الولايات المتحدة "هي من يملك القرار في موضوع رفح" لا إسرائيل "وإن من السخافة أن يعاند نتنياهو حتى وهو يعرف أننا لن نقاتل وأن الأميركيين يرفضون ذلك" وهو ما ينطبق حسبه على لبنان أيضا.

وتوقع شيفر عمليات محدودة في رفح، لا تشبه الهجمات الكبرى التي شنت في القطاع الأشهر الخمسة الأولى من العدوان الإسرائيلي "فالعملية الكبيرة في رفح كانت ممكنة الأسابيع الأولى من الحرب، لكننا لم نحارب والفرصة لم تعد متاحة بعد الآن" وأضاف أن إصرار نتنياهو على شن هجوم كبير "رغم أنفكم" إنما موجه- حسب المسؤول العسكري السابق- لإرضاء قواعده ولا يسنده شيء في الواقع.

وكان لافتا في هذا الإطار التصريح الصادر عن نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس التي لم تستبعد أن تكون هناك عواقب أميركية على إسرائيل إذا مضت في اقتحام رفح عسكريا، وما جرى في مجلس الامن من تصويت على وقف لاطلاق النار في غزة ، وامتناع المندوبة الاميركية عن التصويت على القرار، الا دليل على جدية الادارة الاميركية فيمحاولة كبح حكومة نتن ياهو.

إذا لماذا التهويل باجتياح رفح من قبل العدو الإسرائيلي إذا كانت الإدارة الأميركية وغيرها يرفضون ذلك؟

تؤكد طبيعة المفاوضات الجارية في قطر والتي تلعب فيها الإدارة الأميركية الدور الأبرز، أن ما يجري في قطر على صعيد المفاوضات هو محاولة أميركية بالتنسيق مع العدو الإسرائيلي لمحاولة ابتزاز حركة حماس من أجل الموافقة على الشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، وان استخدام التهديد الإسرائيلي باجتياح رفح إنما هو مجرد محاولة أميركية- إسرائيلية لفرض الشروط الإسرائيلية على حركة حماس عبر التهويل بتحميلها مسؤولية ما سيؤدي إليه اجتياح رفح على صعيد المدنيين، حيث تضم رفح حاليا ما يقارب المليون ونصف المليون من أهالي غزة، لكن كل هذه المواقف والممارسات لم تثن حركة حماس عن مواقفها الثابتة بخصوص مفاوضات وقف إطلاق النار حيث نفى مصدرا قياديا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لقناة الجزيرة صحة التسريبات الإعلامية الإسرائيلية التي تحدثت عن تنازلات وحلول وسط تم تقديمها للحركة.

ووصف القيادي في تصريحاته تلك التسريبات الإسرائيلية بأنها دعاية بائسة تهدف إلى تغطية تعنت الحكومة الإسرائيلية والتملص من مسؤولية عرقلة الاتفاق أمام ذوي أسراها.

وأكد المصدر أن الحركة أوضحت موقفها "الذي لا تراجع عنه" وهو أنه لا تبادل للأسرى مع استمرار العدوان والمجازر والحصار على قطاع غزة.

بالخلاصة يمكن القول إن العدوان الإسرائيلي على غزة بعدما استنفد أهدافه، وعجز عن تحقيق أهدافه المعلنة بالقضاء على حركة حماس وتحرير الأسرى، بدأ مع الإدارة الأميركية في محاولة جديدة لتحقيق أهداف العدوان على غزة عبر التهويل باجتياح رفح، وما يجري حاليا على صعيد المفاوضات في قطر هو عملية عض أصابع، وحركة حماس رغم كل الوجع في غزة لن تقبل إلا باتفاق يحقق النصر لغزة والمقاومة.

بسام غنوم