العدد 1608 /3-4-2024
بسام غنوم

فيما تواصل إسرائيل عدوانها على غزة، ويهدد رئيس حكومتها نتن ياهو باجتياح رفح من أجل محاولة "القضاء على حركة حماس" كما يقول، برز تطور أمني بارز في قطاع غزة وهو دخول السلطة الفلسطينية في رام الله على خط التآمر على غزة وحركة حماس وقوى المقاومة فيها، وذلك عبر ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الذي حاول استغلال عملية إدخال المساعدات الغذائية إلى غزة للقيام بعملية أمنية في القطاع لإحداث البلبلة، وذلك بالتنسيق مع "جهاز الشاباك الإسرائيلي وجيش العدو، وذلك بعد اتفاق تم بين الطرفين في اجتماع لهم في إحدى العواصم العربية الأسبوع الماضي"، وفق ما كشفه بيان وزارة الداخلية في غزة، الذي قال "إن ستة أعضاء من القوة، التي رافقت شاحنات المساعدات التي دخلت من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر، اعتقلوا وإن قوات الشرطة تلاحق الأعضاء الآخرين للقبض عليهم".

واللافت في هذه الخطوة الأمنية التي قام بها رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية في رام الله هو أنها تزامنت مع حملة اعتقالات واسعة تقوم بها القوى الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية حيث "تواصل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية الزج بنحو 70 معتقلا سياسيا في سجونها من مختلف محافظات الضفة الغربية، وفق لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة". كما تعمل على اعتقال المقاومين في مختلف مناطق الضفة الغربية.

ولم تكتف السلطة الفلسطينية بذلك بل وصل الأمر إلى ملاحقة خطباء المساجد في الضفة الغربية المتعاطفين مع غزة وقوى المقاومة فيها، حيث أوقفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية إمام مسجد بلدة "صرة" غرب نابلس الشيخ سائد الترابي بسبب إلقائه خطبة يوم الجمعة قبل الماضية عن غزة والمقاومة وتوجيه تحية إلى الكتائب في الميدان.

وقالت مصادر مطلعة، إن عشرات الخطباء والأئمة تمت تنحيتهم عن الخطابة وإمامة الناس على خلفية مواقفهم الداعمة للمقاومة ودعائهم الدائم لغزة في قنوتهم، مشيرة إلى أن ذلك كله يتم بناء على توصيات ترفعها الأجهزة الأمنية إلى وزارة الأوقاف، التي تلتزم بها التزاما كاملا.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا تريد سلطة رام الله من غزة بعد انكشاف تعاونها مع إسرائيل؟

يبدو أن السلطة الفلسطينية في رام الله قد أسقط في يدها بعدما أدركت عجز إسرائيل وأميركا عن القضاء على حركة حماس وقوى المقاومة في غزة، ولذلك بدأت في سلسلة تحركات سياسية وأمنية من أجل محاولة إحداث شرخ داخلي في غزة بين أهالي غزة وحركة حماس وباقي قوى المقاومة، فبدأت بتشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد مصطفى رغم اعتراض القوى الوطنية الفلسطينية وحركة حماس على هذه الخطوة الانفرادية، وقال محمود عباس بكل صراحة إن من مهام هذه الحكومة الوضع في غزة، وهو يقصد بذلك ما بعد معركة غزة أي القضاء على حركة حماس وقوى المقاومة في غزة.

وجاءت محاولة رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية في رام الله ماجد فرج للتسلل إلى غزة عبر شاحنات المساعدات وبالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك، لتؤكد حقيقة ما تعمل عليه السلطة الفلسطينية في رام برئاسة محمود عباس الذي أعلن مرارا وتكرارا أنه يريد التعاون مع إسرائيل، وان التنسيق الأمني مع إسرائيل مقدس وأنه لا يخجل من ذلك، ولذلك يبدو ما قاله مسؤول بالسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة في بيان بعد الكشف عن محاولة رئيس المخابرات الفلسطينية في رام الله ماجد فرج التسلل إلى غزة عبر مجموعة من عناصر مخابرات السلطة لمحاولة إحداث الفتنة وضرب المقاومة في غزة بالتعاون والتنسيق مع الجيش الإسرائيلي والذي جاء فيه أن: "بيان ما يسمى بوزارة داخلية حماس حول دخول المساعدات إلى قطاع غزة أمس لا أساس له من الصحة، وسنستمر في تقديم كل ما يلزم لإغاثة شعبنا"، لا معنى له، أولا لأن محمود عباس يعلن صراحة أنه يريد التعاون مع إسرائيل لضرب المقاومة في غزة والضفة الغربية، وثانيا لأن مصداقية حركة حماس وقوى المقاومة في غزة بالإعلان عن إلقاء القبض على "ستة أعضاء من القوة، التي رافقت شاحنات المساعدات التي دخلت من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر" فوق كل تشكيك كما كشفت عنه الوقائع في معركة طوفان الأقصى، وهذه المصداقية الإعلامية هي احد عناصر القوة التي احرجت العدو الصهيوني واعلامه حيث اضطر الناطق باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري سابقا الى تأكيد بيان حماس بخصوص الاعتقالات في مستشفى الشفاء، وبالتالي فإن اعلان السلطة في رام عن عدم صحة بيان وزارة الداخلية في غزة لامعنى له.

بالخلاصة يمكن القول سلطة رام الله برئاسة محمود عباس وبعد فشل إسرائيل في القضاء على حركة حماس وعودة القضية الفلسطينية بكامل عنفوانها إلى الواجهة مجددا كما قال الصحفي الإسرائيلي ميرون رابوبورت في المقال، الذي كتبه في مجلة "972 +" الرقمية، حيث اعتبر أن هجوم 7 أكتوبر "قضى على الخرافة التي كانت تعشعش في أذهان الإسرائيليين قبل ذلك بأن القضية الفلسطينية لا تزعجهم كثيرا"، فقد عادت القضية الفلسطينية، بكامل عنفوانها، إلى الواجهة، على حد تعبير المقال، قررت أن تجعل من نفسها حصان طروادة لتحقيق ما عجزت عنه إسرائيل بالتعاون والتنسيق مع الإدارة الأميركية ونتن ياهو. فهل بهذه الطريقة يتم التآمر على دماء الشهداء وحركة حماس وقوى المقاومة يا رئيس سلطة رام الله العميلة؟

بسام غنوم