العدد 1592 /13-12-2023
أيمن حجازي

الخلاف بين التيار الوطني الحر وبكركي حول التمديد لقائد الجيش جوزيف عون كان الشرخ الأبرز في الساحة المسيحية في الآونة الأخيرة ، وهو خلاف يتجاوز قيادة الجيش وموقعها ويلامس الصراع حول الرئاسة الأولى ، ويصل في أحد مندرجاته حول صلابة الولاءات السياسية ومتانتها . فعندما يتحدث النائب جبران باسيل عن قلة الوفاء في موضوع العماد جوزيف عون ، فإن ذلك يعني أن الإدارة اللبنانية يجب أن تبقى خاضعة الى ولاءات سياسية صارمة . فلا يمكن لقائد للجيش أيا تكن أهميته في الدور والقيادة إلا ان يبقى خاضعا للجهة السياسية التي جاءت به الى الموقع الذي يحتله . وإلا سيكون قليل الوفاء ومرشح للإتهام بأبشع التهم الإدارية وفي مقدمها الفساد الإداري الذي تمعن أوساط التيار الوطني الحر بلصقها بالجنرال جوزيف عون .

لقد تحولت قضية التمديد للعماد جوزيف عون الى قضية دولية أو ذات تداول دولي ، يتحدث فيها الفرنسيون ويتداول بها الأميريكيون والمخفي أعظم ... وقد بات النائب جبران باسيل يعتقد أن التمديد لقائد الجيش في هذه المرحلة يشكل جسر عبور الى رئاسة الجمهورية وهذا ما يقض المضاجع ويؤرق الجفون ويوغر الصدور . وقد بات جليا أن قضية التمديد تلك تتحرك في تفاصيلها ، تحت وطأة الحدث الإقليمي - الدولي الكبير في قطاع غزة . وهو حدث بتنا من خلال الجبهة الجنوبية في صلبه حيث قامت المقاومة الللبنانية بتأدية واجبها التضامني المميز مع الشعب الفلسطيني المجاهد وعملت مشاغلة العدو الصهيوني من خلال استهداف بنيته العسكرية التي اضطرت الى الإحتشاد الجزئي على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة . وكان هذا الموقف اللبناني تعبير انساني بالغ الأهمية للتعاطي مع المجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني في فلسطين عموما وفي غزة خصوصا . وقد بدت الساحة اللبنانية على انقسامها الجديد - القديم حول هذا الموضوع الذي ينحاز فيه البعض الى الحياد القبيح والأبله بين الكيان الصهيوني والشعب الفلسطيني والعرب أجمعين ، وذلك في موازاة أكثرية شعبية وطنية تضم توليفة من مختلف الطوائف والأطياف السياسية التي تعتبر نفسها معنية بالمواجهة القائمة على أرض فلسطين المحتلة . ويشكل موقف الإنحياز الأول المشار اليه استعادة غبية لدعوات الإنعزال عن القضية الفلسطينية التي تفشت في الساحة اللبنانية عشية اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في عام ١٩٧٥ .

هذه الصورة المحلية توحي بأن الساحة اللبنانية في بعض مكوناتها لا ترقى الى المستوى الرفيع الذي تظهرة معركة غزة البطولية ، ولا تستجيب لمتطلبات الواقع اللبناني المهدد بالأطماع الصهيونية الدائمة . وهي ساحة يعمل فيها جمع من الساسة تحت المقولة المميتة بأن " قوة لبنان في ضعفه " وأن لا سبيل أمام شعب من الشعوب أن يحاول النهوض ويسعى الى استجماع قواه الذاتية لحماية حقوقه وصيانة حدوده وردع كل من تسول له نفسه ان يحاول الإعتداء على كرامة الوطن . وهؤلاء قوم يغمضون أعينهم عن الحقائق الساطعة التي يثبتها السلوك المقاوم في لبنان وفلسطين . حيث أكدت المقاومة اللبنانية أنها تخيف المحتل وتدفعه الى تجنب المواجهة مع لبنان رغم نيل هذه المقاومة من بنية الجيش الصهيوني العسكرية المنتشرة على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية . وحيث أكدت المقاومة في فلسطين أنها تفقأ عين التنين الصهيوني المتغطرس حتى لو قتل الآلاف وعشرات الآلاف ...

أيمن حجازي