العدد 1588 /15-11-2023
أيمن حجازي

مازالت الساحة اللبنانية والمنطقة بكاملها تعيش تحت وطأة المذابح الصهيونية في قطاع غزة ، وهي مذابح تستمر وتتنوع وتجد لها غطاء أميريكيا وغربيا عنصريا ومتوحشا في آن واحد . ويحاول الساسة اللبنانيون أو بعضهم السعي لردم بعض الثغر المفترضة والتي يمكن للبنان ان يقع فيها وفي أتونها من جراء تعميم الشغور القائم في الرئاسة الأولى كي يصل الى رأس المؤسسة العسكرية والأمنية اللبنانية ما يهدد المجتمع اللبناني بمخاطر كبيرة . لا بل إنه يهدد وحدة الكيان السياسي الذي بات هشا من جراء ازدهار دعوات الفدرلة والتقسيم في عقول العديد من الرؤوس اللبنانية الحامية التي قدمت نفسها في العقدين السابقين وكأنها قد تخلت عن ماضيها التقسيمي الشهير .

وقد شهدت الساحة المحلية حراكا باتجاه التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون تقدمه نواب حزب القوات اللبنانية الذين سعوا الى إنجاز هذا التمديد عبر المجلس النيابي . وقصدوا في سبيل ذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي كان يفضل ان تبادر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الى اتخاذ خطوات باتجاه هذا التمديد أو ما يشابهه من مخارج تحول دون وقوع الفراغ في قيادة الجيش إبتداء من العاشر من كانون الثاني المقبل تاريخ بلوغ العماد جوزيف عون السن القانونية . وقد أعلن رئيس كتلة حزب القوات اللبنانية جورج عدوان أن الرئيس بري لن يتحرك باتجاه مطلب كتلة القوات الا في الشهر القادم وبعد أن تكون الحكومة قد عجزت عن إتخاذ القرار المتوخى بهذا الصدد . والمعروف أن عجز الحكومة الميقاتية يعود الى موقف التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل الذي بات يوجه تهما شتى الى قائد الجيش ليس أقلها الفساد وذلك على خلفية الخشية الباسيلية من تمكن عون من الوصول الى سدة الرئاسة الأولى وهذا ما يسعى جبران باسيل الى الحؤول دونه .

ثمة أمر آخر يدفع الرئيس بري الىعدم التجاوب الفوري مع مطلب نواب حزب القوات اللبنانية التمديدي ، ألا وهو موقف حزب الله المساير لجبران باسيل في موضوع قائد الجيش والذي يستبطن أيضا ، في حسابات حزب الله الرغبة إبقاء سليمان فرنجية مرشحا رئاسيا قويا . والجميع بات يعلم أن الرياح الخارجية تهب لصالح ايصال العماد عون الى قصر بعبدا . وذلك في حال سمحت الظروف الإقليمية والدولية بإعادة طرح الإستحقاق الرئاسي اللبناني على دائرة البحث . أي بعد ان تجد حرب غزة محطة لها تفسح في المجال أمام الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة بتحريك هذا الملف الذي بات يلفه النسيان أمام هول ما يحصل من مذابح في قطاع غزة .

كل هذا الكلام قد يصح في حال بقيت الساحة اللبنانية بمنأى عن الإنخراط في الحرب القائمة في المنطقة ، وحيث يتفاعل لبنان من خلال جبهته الجنوبية بحد أدنى مع أحداث حرب غزة . ولكنه تفاعل متدرج ومتصاعديصعب التنبؤ باستمراره بهذا المستوى . بل إن إحتمالات التطور السلبي للأمور تبدو قوية ، طالما ان آلة القتل الإسرائيلية والأميريكية تفعل فعلها الإجرامي على أرض غزة . وطالما أن العقم الصهيوني ما يزال قائما على مستوى تحقيق أهداف عسكرية وميدانية تمكن القادة الصهاينة من الإطلالة على جماهيرهم الخائبة بإنجاز ما .

لقد تراجعت وتواضعت الأهداف الإسرائيلية في هذه الحرب ، لتتحول من إقتلاع حركة حماس كعنوان ضخم ،الى مجرد تحرير يتيم للأسرى الذين تم اعتقالهم في السابع من أكتوبر الماضي . وموعدنا مع هذا الكيان الغاصب أن أكثر تراجعا وأشد ضعة بإذن الله .

أيمن حجازي