العدد 1604 /6-3-2024
بسام غنوم

هدنة رمضان، اتفاق على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى غزة قبل شهر رمضان، زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين إلى لبنان لمحاولة ترتيب اتفاق على وقف لإطلاق النار قبل رمضان.

كل هذا الحراك السياسي والأمني والدبلوماسي المحموم كما هو معلن من قبل الرئيس الأميركي بايدن والإدارة الأميركية ، هو من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل حلول شهر رمضان المبارك.

لكن واقع الأمر على الأرض في غزة ولبنان وفي المفاوضات الجارية في باريس والقاهرة وبيروت وغيرها من العواصم العربية والدولية يشير إلى ما يجري على الأرض هدفه الضغط على حركة حماس وباقي فصائل المقاومة ، من أجل الوصول إلى اتفاق كيفما كان لإطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى كتائب القسام وباقي قوى المقاومة في غزة أولا، ومحاولة إنقاذ نتن ياهو والكيان الصهيوني الذي أصبح يتخبط بفعل صمود أهل غزة رغم كل المجازر التي ترتكب بحق المدنيين الأبرياء آخرها مجزرة الطحين، وكتائب القسام وباقي قوى المقاومة ثانيا، ولمحاولة حفظ ماء وجه الدول العربية التي تدعم الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة ثالثا، مما يترك ألف سؤال أيضا رابعا، حول هذه الغيرة على الدين وشهر رمضان المبارك لدى الإدارة الأميركية والرئيس بايدن والرؤساء والملوك العرب المنخرطين في المؤامرة على أهل غزة وحركة حماس وباقي فصائل المقاومة منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة.

والسؤال الذي يطير نفسه هو: هل هناك جدية لدى الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والمتآمرين من حكام العرب بالوصول إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة؟

أثارت المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة بصورة يومية بحق المدنيين الأبرياء والتي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى الرأي العام العالمي خصوصا في أميركا ودول الاتحاد الأوروبي الذين يدعمون الكيان الصهيوني وحكومة نتن ياهو رغم كل الإجرام الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء في غزة، وفي نفس الوقت وجدت الدول العربية الداعمة للكيان الصهيوني والتي توفر له الغذاء والسلاح وكل أسباب الدعم الممكنة عبر الجسر البري الممتد من دبي مرورا بالسعودية والأردن وصولا إلى الكيان الغاصب نفسها محرجة أمام شعوبها الصامتة رغما عنها في بعض الدول ، والتي تخرج إلى الشارع في بعضها الآخر، وترافق هذا الأمر مع صمود بطولي لأهالي غزة رغم كل المجازر المرتكبة بحقهم، ومع بطولات غير مسبوقة لكتائب القسام وقوى المقاومة في غزة حيث اعترف القادة العسكريون في العدو الصهيوني، وكذلك الأميركيون وغيرهم أن استمرار المقاومة في غزة رغم قوة آلة الدمار الصهيوني هو أمر غير مسبوق في التاريخ العسكري، مما أوقع الجيش الإسرائيلي وقادته في الحيرة ودبت الخلافات فيما بينهم، وكشفت القناة 14 الإسرائيلية إعلان عدد كبير من المسؤولين في قسم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري استقالاتهم، على الرغم من استمرار الحرب في قطاع غزة، ومن ضمنهم الرجل الثاني في القسم وضباط آخرون.

وأوردت تقارير إسرائيلية خلال الشهور الأخيرة، أنباء عن خلافات عميقة بين المستوى السياسي في إسرائيل، والجيش الإسرائيلي، بسبب إدارة الحكومة للحرب، وخطتها لما بعد الحرب في قطاع غزة.

ولعل ذلك أحد الأسباب الرئيسية للطلب المحموم من قبل الإدارة الأميركية للوصول إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.

أي أن الإدارة الأميركية التي تقدم الدعم المالي والعسكري والسياسي غير المحدود للعدو الصهيوني تشعر أن المعركة في غزة أصبحت تراوح مكانها وغير ذات جدوى في ظل عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق انتصار ما على قوى المقاومة في غزة، وعن تحرير الأسرى لدى كتائب القسام وقوى المقاومة ، وبالتالي لا بد من اللجوء إلى الحلول السياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء عبر اتفاق يحقق لإسرائيل ما عجزت عن تحقيقه بقوة السلاح، أو عبر الخديعة عبر ما يسمى بهدنة شهر رمضان المبارك.

وتؤكد هذا الواقع طبيعة المفاوضات الجارية في القاهرة وباريس حيث يصر نتن ياهو على الحصول على أسماء الأسرى الإسرائيليين لدى حماس قبل الموافقة على أي شيء، وهذا ما ترفضه حركة حماس وباقي قوى المقاومة التي تصر على الوصول لاتفاق شامل يتضمن وقفا نهائيا لإطلاق النار، وإدخال المساعدات إلى كل مناطق القطاع في غزة، وإعادة الإعمار، ة وإطلاق الأسرى في السجون الصهيونية، وهذا الموقف الصلب لحركة حماس وباقي فصائل المقاومة أربك الإدارة الأميركية والعدو الصهيوني والدول العربية المشاركة في العدوان على غزة حيث أشارت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى أنه "مع توقيع اتفاق فك الاشتباك المتوقع بين إسرائيل وحماس خلال الأيام القادمة سيعود مناضلو المقاهي إلى لعب الطاولة وشرب الأرجيلة"، ولم تكتف بهذا الموقف بل لفتت إلى أنه "سيخرج علينا خالد مشعل وإسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق من فنادقهم في الإقليم معلنين الانتصار الإلهي، سيسابقون يحيى السونار الذي يخشون أن يسرق لحظتهم التاريخية، أما السوار فسيخرج من سردابه محمولا على أكتاف أقاربه الذين يحمونه من غضب الغزاويين ممن فقدوا أحبتهم ومنازلهم وحياتهم الآمنة بسبب نزوة السابع من أكتوبر، سيحمله مناصروه على الأكتاف المكتنزة، بعدما حمل أهالي غزة 30 ألف جثمان على أكتافهم الهزيلة".

باختصار صمود أهالي غزة وكتائب القسام وباقي فصائل المقاومة أربك قادة الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية الداعمة لهم، وكذلك قادة العرب المشاركين في المؤامرة على غزة، ولذلك هم يريدون اتفاقا ليغطي عوراتهم ، ولا يريدون اتفاقا يؤكد انتصار غزة وحركة حماس وباقي فصائل المقاومة على الإجرام الصهيوني، ة ولكن هيهات.

بسام غنوم