العدد 1603 /28-2-2024
بسام غنوم

تغرق الساحة اللبنانية في جدل عقيم حول انتخابات رئاسة الجمهورية فيما لبنان يعيش أياما عصيبة في ظل العدوان الإسرائيلي اليومي على القرى والبلدات في جنوب لبنان، وأيضا في ظل التهديدات الإسرائيلية اليومية باستمرار العدوان على القرى والبلدات الجنوبية حتى ولو تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة، وآخر هذه التهديدات ما أشار إليه وزير الدفاع الإسرائيلي يوافي غالانت يوم الأحد الماضي، فقال إنه «سنزيد النار بالشمال في حال التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة في غزة». وأضاف: «سنواصل القتال في الشمال حتى الانسحاب الكامل لحزب الله وعودة السكان إلى منازلهم».

وتأتي هذه المواقف الإسرائيلية من العدوان على لبنان فيما يصير البعض على تحميل المقاومة في الجنوب مسؤولية ما يجري هناك، وفي هذا الإطار قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال لقائه السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، في معراب، أن الحل جنوبا يكمن في تطبيق القرار 1701 وانسحاب الحزب من المنطقة الحدودية، ليتسلم الجيش اللبناني بالتعاون مع القوة الدولية أمنها وحمايتها بالكامل، كونه القوة الشرعية الوحيدة التي تمثل الدولة اللبنانية. ولم يكتف بذلك وأضاف قائلا «إن محور الممانعة ما زال يعطل الاستحقاق الرئاسي».

وتكشف مثل هذه المواقف من العدوان الإسرائيلي المتمادي على جنوب لبنان وقراه أن هناك فريقا من اللبنانيين ما زال على رهاناته القديمة التي تجرم المقاومة وتبرئ العدو الإسرائيلي من مسؤولياته عن كل ما يجري، وهذا الموقف لسمير جعجع يشاركه فيه الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون الذي قال إن لبنان لم يوقع معاهدة دفاع عن غزة وان ذلك من مسؤولية الجامعة العربية.

ويبدو أن هذا الفريق من اللبنانيين الذي يصر على استهداف المقاومة وتبرئة العدو الصهيوني مما يجري في الجنوب اللبناني، لم ير ما يجري في غزة من قتل وتدمير بحق المدنيين الأبرياء، ومن رفض إسرائيلي لكل المواقف والقرارات الدولية، وهو ما كشفته معركة طوفان الأقصى للعالم أجمع حيث أظهرت لكل العالم أن إسرائيل دولة مجرمة ومعتدية ولا تبالي بدماء الأبرياء، ولا تقيم أي اعتبار لما يسمى بالقانون الدولي ولا لقرارات الأمم المتحدة، وان أميركا الحليف الكبير لإسرائيل يقيم درع حماية لها عربيا ودوليا وفي مجلس الأمن.

بعد هذا كله هل تصح مطالبات بعض القوى اللبنانية بانسحاب المقاومة من الجنوب وتطبيق القرار الدولي 1701، فيما إسرائيل تهدد بتدمير لبنان؟

كشفت معركة طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان صهيوني على أهلنا في غزة، أن العدو الإسرائيلي لا يقيم وزنا لما يسمى بالشرعية الدولية ولا لقرارات الأمم المتحدة ولا حتى للقانون الدولي، فهذا العدو الذي استباح كل الحرمات في عدوانه على غزة وأهلها لا يعترف لا بالقرار 1701 ولا بغيره من القرارات الدولية طالما لم تؤمن له هذه القرارات مصالحه السياسية والأمنية، ومطلب انسحاب المقاومة من الجنوب وتسليم سلاحها للدولة وانتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية كما تطالب بعض القوى اللبنانية لن يجلب الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، فهذا العدو ما زال يحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر ويرفض الانسحاب منها رغم كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، والمقولة اللبنانية القديمة التي كانت سائدة قبل الحرب اللبنانية في العام 1975 وهي أن قوة لبنان في ضعفه لم تحم لبنان في السابق، ومن الأكيد أن هذا العدو الإسرائيلي الذي لا يعرف إلا لغة الغدر والعدوان لن تلجمه القوات الدولية ولا وجود الجيش اللبناني، ولولا وجود المقاومة في جنوب لبنان لكنا ربما نشاهد الصهاينة في بيروت كما هو الحال في كثير من البلدان العربية التي اختارت تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني على حساب دين الأمة وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

فهل يريد البعض في لبنان عبر المطالبة بتطبيق القرار ونزع سلاح المقاومة، 1701 تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني، وجعل لبنان جزأ من مشروع الاستسلام العربي؟

بسام غنوم