العدد 1600 /7-2-2024
بسام غنوم

تتأرجح جبهة جنوب لبنان بين التصعيد المحكوم بما يسمى بقواعد الاشتباك ، واحتمال توسع المواجهة مع العدو الصهيوني الى حرب مفتوحة قد تمتد الى ابعد من العشرة كيلومتر التي يتحدث عنها المسؤولون الاسرائيليون ، وقد تصل الى مناطق الضاحية الجنوبية كما يتحدث بعض الوزراء في ما يسمى بالكابينت في الحكومة الاسرائيلية.

وتعكس المواجهات القائمة على الارض بين حزب الله وقوى المقاومة في جنوب لبنان من جهة والعدو الاسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة من جهة اخرى ، هذا الواقع بكل تفاصيله حيث المواجهات اليومية بين الطرفين والتي تشمل قيام حزب الله بالرد على قصف القرى والبلدات الآمنة في جنوب لبنان من قبل اسرائيل ، فيما يرد العدو الصهيوني على حزب الله بالغارات الجوية وبالمدفعية الثقيلة ، وفي كثير من الاحيان تتجاوز الردود الاسرائيلية مناطق قواعد الاشتباك ، حيث تطال قرى في اقليم التفاح القريبة من مدينة صيدا ، وتترافق هذه الغارات التي يشنها الطيران الاسرائيلي مع تهديدات بتوسع جبهة القتال الى اماكن بعيدة عن الحدود مع فلسطين المحتلة.

لكن في نفس الوقت يشهد لبنان حركة دبلوماسية كبيرة للموفدين الاوروبيين وايضا للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي سيزور لبنان بعد انتهاء زيارته الى الكيان الصهيوني ، وتؤكد كلّ المعطيات الدّوليّة والرّسائل الّتي حملها موفدون غربيّون إلى لبنان، أنّ إسرائيل تسعى إلى وقف المواجهة جنوب لبنان، "بعدما أنهكتها حرب غزة"، بعكس الخطاب السّياسي والإعلامي السّائد في تل أبيب.

وفي هذا السياق نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن: المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أعطى إشارات إيجابية لإمكانية الوصول لحل سياسي لتهدئة جبهة جنوب لبنان.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل تسبق الحلول السياسية التي يسعى اليها الموفدون الدوليون، الحلول العسكرية في جنوب لبنان ؟

توحي الاجواء الايجابية حول امكانية التوصل الى اتفاق وشيك بين حركة حماس واسرائيل لوقف النار واطلاق الاسرى والمعتقلين وغير ذلك من الامور ، في الايام القادمة ان ذلك سوف ينعكس ايجابا على الجهود المبذولة من قبل الاميركيين والاوروبيين لتهدئة الامور في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، بما يسمح بعودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل انطلاق معركة طوفان الاقصى في 7 أكتوبر 2023 ، وقد اكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشّيخ نعيم قاسم في حديث إلى صحيفة "الأخبار"، أنّ "جوابنا في السرّ والعلن – للموفدين الدوليين - كان واضحًا: أوقفوا الحرب في غزة تتوقّف تلقائيًّا هنا، لأنّ جبهة لبنان انطلقت لمساندة غزة كعنوان رئيس. مع وقف العدوان، لا تعود هناك حاجة إلى هذا الشّكل من المساندة العسكريّة".

وقالت مصادر مطّلعة، أنّ الأيّام المقبلة قد تشهد وقف لإطلاق النّار على الحدود الجنوبية. وأضافت المصادر أنّ التّفاوض الّذي يجري بشأن حرب غزة، قطع الأشواط الصّعبة، بانتظار أن تفرض المفاوضات قبولًا إسرائيليا بشروط الفلسطينيّين في اليومين المقبلين.

وفي هذا الاطار أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت” العبرية، يوم الأحد، بأنّ المفاوضات بين الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة اللبنانية التي يشارك فيها "حزب الله” بشأن الوضع الحدودي بين لبنان وإسرائيل "تتقدّم”، مقدّرة فرصة نجاح المفاوضات السياسية بنحو 30%.

وأورد تقرير المراسل العسكري للصحيفة يوآف زيتون أنّ إسرائيل التي تطالب بإبعاد التنظيم اللبناني إلى شمال نهر الليطاني "ستوافق على انسحاب جزئي لحزب الله من الحدود إلى مسافة تتراوح بين 8 و12 كيلومتراً”، مشيراً إلى أنّ الحزب "سحب بالفعل حوالى 2000 عنصر من قوة النخبة التابعة له (قوات الرضوان) من خط التماس إلى نطاقات بعيدة تتراوح بين 4 إلى 6 كيلومترات تقريباً خلف الحدود”.

وبالمقابل، ستقوم إسرائيل بالتخلي عن عدد من "النقاط الثانوية” من الأراضي المتنازع عليها لمصلحة لبنان”، مشيراً في هذا السياق إلى نقاط في مزارع شبعا المحتلة.

الا ان اللافت هو استمرار قادة العدو الصهيوني بإطلاق المواقف المعاكسة للمفاوضات الجارية من اجل الوصول الى تهدئة في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة ، حيث نقل عن بيني غانتس رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي قوله انه أبلغ المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين " أن إسرائيل ستوسع وتعمق عملياتها العسكرية.."

وقال موقع راديو كول براما العبري ان ذلك يأتي في إطار الإستعداد لمواجهة واسعة النطاق مع حزب الله . ويعتقد البعض ان هذه المواقف تأتي في اطار البحث عن مزيد من التنازلات من قبل حزب الله في جنوب لبنان.

بالخلاصة يمكن القول الامور في غزة وجنوب لبنان تحديدا ، وفي الاقليم عموما تسير على حافة الهاوية ، والساحة مفتوحة على كل الاحتمالات خصوصا اذا اختار رئيس وزراء العدو الصهيوني نتن ياهو قرار عدم الاستجابة للضغوط الاميركية والدولية بوقف اطلاق النار في غزة ، والقبول بإتفاق التهدئة مع حركة حماس ، والاستجابة لضغوطبن غفير وسموتريتش. فهل تشهد المنطقة مزيدا من التصعيد ام سنكون على موعد مع التهدئة في غزة العزة وجنوب لبنان ؟

بسام غنوم