العدد 1592 /13-12-2023
بسام غنوم

مع دخول العدوان الاسرائيلي شهره الثالث على غزة بعد معركة طوفان الاقصى التي اعادت صورة الصراع مع العدو الصهيوني الى بدايته ، وكأننا نعيش في هذه الايام مع امكانية هزيمة اسرائيل والمشروع الغربي الصهيوني في المنطقة الذي استباح دماء الشعب الفلسطيني وارضه منذ 75 عاما ، والذي ادخلنا طوال عقود من الزمن بوهم العجز عن مواجهة اسرائيل ، لتأتي معركة طوفان الاقصى لترسم طريقا آخر عنوانه هزيمة العدو الصهيوني في متناول اليد بقدرات المقاومة ودعم الشعوب ، بعيدا عن الانظمة العربية الخائنة والمتخاذلة .

يطرح العديد من التساؤلات مع استمرار العدوان الاسرائيلي على غزة في شهره الثالث ، ولا سيما على الصعد السياسية والعسكرية والشعبية بعد سقوط ما يقارب 18000 شهيد واكثر من 50000 جريما وتدمير حوالي ال 50 في المئة من مباني غزة.

ومن هذه التساؤلات هل كانت معركة طوفان الاقصى التي اطلقتها حركة حماس في ال7 من شهر اكتوبر الماضي ضرورية وفي وقتها المناسب ؟

الاجابة على هذا السؤال لها اجابات مختلفة باختلاف الجهات التي تتبنى موقف المقاومة ، وتلك التي تدعم وجهة نظر العدو الصهيوني والتطبيع معه .

فعلى الصعيد الشعبي الاسلامي والعربي اعادت معركة طوفان الاقصى الشعور بالفخر والكرامة لدى هذه الشعوب ، الذي اصبح شبه غائب لديها في الفترة الماضية بفعل الظلم والقهر الذي تمارسه الانظمة العربية عليها ، وايضا بسبب عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني التي اصبحت واقعا لدى بعض الدول العربية ، وكانت على قدم وساق وقطعت شوطا كبيرا بين اسرائيل والسعودية ، مما ادى الى شعور بالعجز والاحباط لدى الشعوب العربية والاسلامية ، وهي ترى العدو الاسرائيلي يتغول في عدوانه على المسجد الاقصى والشعب الفلسطيني ، وفي نفس الوقت يستقبل بالترحاب في بلاد العرب والمسلمين ، فجاءت معركة طوفان الاقصى لتعيد صورة الصراع مع هذا العدو الى صورته الاولى ، وخصوصا بعدما رأت هذه الشعوب الاسلامية والعربية اذلال الجيش الاسرائيلي على يد كتائب القسام وفصائل المقاومة في غزة ، وصمود كتائب القسام وقوى المقاومة في وجه الآلة العسكرية الصهيونية ، وبالنسبة لهذه الشعوب العربية والاسلامية فإن معركة طوفان الاقصى رغم كل التضحيات والدمار الذي لحق بغزة جراء العدوان الاسرائيلي كانت ضرورية وفي وقتها ، وقد اكدت التحركات والتظاهرات والتعاطف الكبير مع قضية الشعب الفلسطيني وكتائب القسام والمقاومة في غزة ، من الشعوب العربية والاسلامية واحرار العالم ان معركة طوفان الاقصى كانت اكثر من ضرورية ، وجاءت في وقتها المناسب تماما حيث كان العدو الصهيوني وراعيه الاميركي ومعهم الانظمة العربية الخائنة والمتخاذلة يعتقدون ان الصراع مع اسرائيل قد انتهى الى غير رجعة وان قضية فلسطين التي كانت طوال عقود قضية حق وشعب مظلوم احتلت بلاده من اسرائيل ، اصبحت قضية ثانوية لاقيمة لها ، وان العصر القادم هو عصر التطبيع مع اسرائيل ، واقامة سلام شامل في المنطقة ومشاريع اقتصادية مع العدو الصهيوني على حساب فلسطين والشعب الفلسطيني.

اما بالنسبة للعدو الصهيوني وحليفته اميركا ودول الاتحاد الاوروبي ، وانظمة الخيانة والتطبيع العربية ، فإن معركة طوفان الاقصى مثلت كابوس لها بكل مافي الكلمة من معنى ، فبعد اجهاض هذه الدول الربيع العربي ، وصرف المليارات على وأد انتفاضة الشعوب العربية و عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني ، جاءت عملية طوفان الاقصى لتهدم بطرفة عين كل ماكانت تبنيه اسرائيل واميركا وانظمة التطبيع العربية ، بل واكثر من ذلك فإن الثقة بالمقاومة وقدراتها قد تعززت بعد ان اعتقدت هذه الانظمة ان عصر المقاومة للعدو الاسرائيلي وللمشاريع الاسرائيلية والاميركية في المنطقة قد ولى الى غير رجعة ، لذا ترى قادة هذة الدول بعد معركة طوفان الاقصى ، وفي ظل بطولات كتائب القسام وقوى المقاومة في غزة وكأنها ضربت على رأسها ، فهي من جهة لاتستطيع الوقوف علنا ضد كتائب القسام والمقاومة في غزة ، ولذلك تعقد اجتماعات وقمم عربية واسلامية وتدعو لوقف اطلاق النار في غزة ، ومن جهة اخرى هي غير مصدقة ما يجري في غزة وفلسطين وفي العالم من تضامن مع القضية الفلسطينية وكتائب القسام وقوى المقاومة في غزة ، ومن تهاوى لمشاريع التطبيع مع العدو الصهيوني ، لذا تحاول بكل الوسائل الممكنة تشويه صورة كتائب القسام والمقاومة في غزة ، وكذلك دعم العدو الصهيوني في عدوانه على غزة لعل وعسى يمكن العودة بالامور الى ما قبل معركة طوفان الاقصى في ال 7 من شهر اكتوبر الماضي ولكن هيهات.

بالخلاصة معركة طوفان الاقصى ، ومع دخول العدوان الاسرائيلي على غزة شهره الثالث ، اكدت ان صمود المقاومة في غزة قد غير المعادلات في المنطقة والعالم ، وان ما بعد معركة طوفان الاقصى لن يكون ابدا كما كان قبلها مهما حاول الخونة والمتخاذلون ومعهم اسرائيل واميركا ان يفعلوا .

بسام غنوم