العدد 1590 /29-11-2023
قاسم قصير

منذ معركة طوفان الاقصى والحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ، يشهد الوضع اللبناني عامة والوضع في جنوب لبنان بشكل خاص تطورات متسارعة عسكريا وامنيا وسياسيا ، واصبح مصير الوضع اللبناني مرتبطا بشكل كامل بالوضع في فلسطين عامة وبما يجري في قطاع غزة بشكل خاص.

وقد ادى التوصل الى هدنة مؤقتة في قطاع غزة الى توقف العمليات العسكرية عبر جنوب لبنان وعاد النازحون اللبنانيون الى قراهم وشهدت الجبهة الجنوبية هدوءا حذرا في الايام الاخيرة.

لكن ما هو تأثير ما جرى في فلسطين وقطاع غزة على الوضع اللبناني؟ والى اين ستتجه التطورات في جنوب لبنان في المرحلة المقبلة؟ وما هي الاحتمالات المستقبلية؟

العلاقة بين فلسطين وقطاع غزة ولبنان

بداية ماهو تأثير التطورات التي جرت في قطاع غزة وفي فلسطين على المشهد اللبناني؟ وما هي طبيعة العلاقات التي تربط التطورات بين البلدين؟

منذ نشوء الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ولبنان يقع تحت تأثير التطورات الفلسطينية ، وقد لجأ الى لبنان عامي 1948 و1976 مئات الوف الفلسطينيين وانخرط اللبنانيون في الصراع ضد العدو الصهيوني تحت عناوين مختلفة يسارية وقومية وناصرية واسلامية ، وتعرض لبنان للعديد من الهجمات والاعتداءات والحروب الصهيونية طيلة اكثر من ست وسبعين عاما .

ولاحقا تحول لبنان وخصوصا بعد العام 1970 وحصول مجزرة ايلول في الاردن الى احدى اهم الساحات التي ينطلق منها العمل الفلسطيني المسلح ، وكان الموقف من القضية الفلسطينية والعمل الفلسطيني المسلح من لبنان احدى ابرز اسباب الخلافات الداخلية وانفجار الحرب الاهلية في العام 1975.

ورغم خروج معظم المنظمات الفلسطينية من لبنان في العام 1982 وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان فقد بقيت العلاقة قوية بين الوضع اللبناني والوضع في فلسطين ، وذلك لوجود اكثر من مئتي وخمسين الف فلسطيني لاجئ في لبنان وحوالي 15 مخيما للاجئين الفلسطينيين واستمرار وجود منظمات فلسطينية مسلحة داخل المخيمات وفي بعض المناطق اللبنانية وبسبب العلاقة القوية بين قوى المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية ، وكلما كان يحصل تطور بارز في المشهد الفلسطيني الداخلي كان ينعكس على الوضع اللبناني مباشرة ، وهذا ما شهدناه مؤخرا بعد معركة طوفان الاقصى والحرب على غزة فقد أدى ذلك لاشتعال الجبهة الجنوبية ومشاركة العديد من الاطراف اللبنانية والفلسطينية في العمليات المسلحة عبر الحدود ، وعندما هدأت الاوضاع في غزة عاد الهدوء الى جنوب لبنان.

الى اين تتجه الاوضاع وماذا عن المستقبل؟

واليوم الى اين ستتجه التطورات في جنوب لبنان في المرحلة المقبلة؟ وما هي الاحتمالات المستقبلية؟

لقد اصبح واضحا وبالدليل الحسي والمباشر ان الاوضاع في لبنان عامة ، وفي جنوب لبنان على الأخص ، مرتبطة بما يجري في فلسطين وقطاع غزة ، فاذا استمرت الهدنة في غزة فستبقى الاوضاع هادئة في جنوب لبنان والعكس صحيح وهناك ارتباط مباشر بين البلدين ولا يمكن تحييد لبنان عن التطورات الفلسطينية .

وبانتظار وضوح صورة الاوضاع في فلسطين ، فان هناك جملة تحديات تواجه الاوضاع اللبنانية ومن ضمن الملفات المطروحة للنقاش اليوم على الصعيد اللبناني الداخلي :

اولا : ماذا عن القرار 1701 وهل بالامكان العودة لتطبيقه والالتزام به او ان العودة اليه اصبحت مستحيلة وهناك حاجة لقواعد جديدة لضبط الاوضاع على الحدود.

ثانيا : هل يمكن للعدو الصهيوني ان ينقل المعركة الى لبنان ، سواء على الصعيد العسكري او الامني ، وكيف سيرد حزب الله وقوى المقاومة على اي عدوان صهيوني.

ثالثا : ماذا عن الملفات الداخلية ومنها ملف معالجة الشغور في موقع قيادة الجيش والانتخابات الرئاسية وهل ستعود الجهود الداخلية والخارجية للتحرك لمعالجة هذه الملفات الساخنة.

رابعا : كيف يمكن الحفاظ على الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية في ظل استمرار الخلافات بين الاطراف اللبنانية حول مختلف الملفات ومنها الموقف من الحرب على غزة ودور حزب الله وقوى المقاومة في هذه الحرب.

وفي الخلاصة سيواجه لبنان واللبنانيون في الايام المقبلة تحديات كبيرة ، سواء اذا استمرت الهدنة في غزة او عادت الاوضاع الى الحرب مجددا ، وكل ذلك يتطلب تعزيز الحوار الداخلي والعمل لمعالجة مختلف الملفات الساخنة ، والا سيدفع لبنان واللبنانيون ثمنا كبيرا للتطورات القادمة ولن تنفع الدعوات للوقوف على الحياد او تحييد لبنان عن فلسطين.

قاسم قصير