العدد 1346 / 23-1-2019

أنهت "القمة التنموية: الاقتصادية والاجتماعية" العربية أعمالها ، بإصدارها "إعلان بيروت" الذي غلب عليه الطابع الإنشائي، ولم يخرق طابعه الروتيني سوى مبادرتين لبنانية، وكويتية مدعومة قطرياً.

القمة التي تميّزت بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حرّك سكونها مبادرتان، الأولى من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لإنشاء صندوق للاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، بدعم من دولة قطر بمبلغ 50 مليون دولار مماثل للمساهمة الكويتية، والثانية كان أطلقها في الافتتاح الرئيس ميشال عون، قوامها اعتماد "استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية"، داعياً إلى وضع آليات فعّالة تتماشى مع متطلبات إعادة الإعمار، وفي مقدّمتها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية، يتولى إعادة الإعمار في الدول المتضررة من الحروب والنزاعات.

القمة التي اختُتمت بمؤتمر صحافي لوزير الخارجية جبران باسيل، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فضّت جدول أعمالها مساء اليوم الأحد، وأذاع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، "إعلان بيروت" الذي خلص إلى تأكيد ضرورة تكاتف جميع الجهات الدولية المانحة، والمنظمات المتخصصة والصناديق العربية من أجل التخفيف من معاناة اللاجئين والنازحين.

وأكدت القمة ضرورة تأمين تمويل تنفيذ مشاريع تنموية في الدول العربية المستضيفة لهم، من شأنها أن تدعم خطط التنمية الوطنية وتساهم في الحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الاستضافة ، ودعت إلى جذب مزيد من الاستثمارات العربية والدولية في الدول المستضيفة.

دعم الشعب الفلسطيني

كما أكدت القمة ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية ، وما أعقبها من تدمير للاقتصاد الفلسطيني وبنيته التحتية، وضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية نحو توفير التمويل اللازم بإشراك المنظمات والجهات ذات الصلة، لتنفيذ المشروعات الواردة في الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس الشرقية (2018- 2022).

ودعت القمة جميع الدول إلى الالتزام بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالمكانة القانونية الخاصّة بمدينة القدس الشريف، وعدم الاعتراف بها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي أو نقل السفارات إليها، مؤكدة عزمها اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية إزاء أي قرار يخل بالمكانة القانونية بمدينة القدس.

الاقتصاد الرقمي

في هذا الجانب، أكدت القمة ضرورة تبني سياسات استباقية لبناء القدرات اللازمة، للاستفادة من إمكانات الاقتصاد الرقمي وتقديم الدعم للمبادرات الخاصة، مع تأكيد أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي.

ثمّن المجتمعون مبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لإنشاء صندوق للاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي برأسمال قدره 200 مليون دولار بمشاركة القطاع الخاص، ومساهمة دولة الكويت بمبلغ 50 مليون دولار، وكذلك مساهمة دولة قطر بمبلغ 50 مليون دولار من رأس مال هذا الصندوق.

ودعت القمة الدول العربية إلى دعم هذه المبادرة للإسهام في تعزيز الاقتصاد العربي المشترك وتوفير فرص عمل واعدة للشباب العربي، وتمنّت على البنوك ومؤسسات التمويل العربية النظر في استقطاع نسب من صافي أرباحها السنوية لدعم الحاجات المستقبلية، وضمان استمرارية عمل هذا الصندوق.

التجارة والجمارك

كما أكدت القمة ضرورة متابعة التقدم المحرز في إطار منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى، ومتطلبات الاتحاد الجمركي العربي، أملاً في الوصول إلى سوق عربية مشتركة، وبذل كافة الجهود للتغلب على المعوقات التي تحول دون تحقيق ذلك. وأكدت في الوقت ذاته أهمية دعم وتمويل مشروعات التكامل العربي، واستكمال مبادرة المساعدة من أجل التجارة.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

في هذا السياق، اعتمدت القمة مشروع الميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، من أجل ضمان اندماج اقتصاديات الدول العربية في ما بينها، وخلق مزايا تنافسية في ظل التكتلات الاقتصادية الدولية، وصولاً إلى تحسين مستوى التشغيل وخفض معدلات البطالة.

مصادر الطاقة

كذلك، اعتمدت القمة الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030، بُغية تحقيق التطور المستدام لنظام الطاقة العربي انسجاماً مع أهداف الأجندة العالمية 2030 للتنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وبالتوافق مع هدفها السابع الرامي إلى تمكين الجميع من الوصول المُيسر والموثوق للطاقة الحديثة بشكل مستدام، يراعي الواقع التنموي للدول العربية وآفاق تطوره المستقبلي حتى عام 2030.

الفقر والبطالة والرعاية الصحّية والتعليم

في هذا الخصوص، اعتمدت القمة الإطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر المتعدد الأبعاد 2020-2030، كإطار يعزز من الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية، بهدف خفض مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد بنسبة 50% بحلول عام 2030، مؤكدة أهمية متابعة .

وأكدت القمة أيضاً، ضرورة تنمية المهارات وتشجيع الإبداع والابتكار، بهدف بناء الإنسان والمواطن المنتج، الذي يساهم في بناء وتنمية المجتمع العربي من أجل تحقيق مكاسب إنسانية واجتماعية واقتصادية، وسنّ التشريعات والقوانين المنظمة لسوق العمل.

الأسرة والمرأة والطفل

القمة اعتمدت أيضاً وثيقة منهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية، في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 كأجندة التنمية للأسرة في المنطقة العربية، ووافقت على برنامج إدماج النساء في مسيرة التنمية بالمجتمعات المحلية، الذي يهدف إلى توعية وتثقيف وتدريب النساء وتقديم الخدمات اللازمة لهنّ، كما أعلنت التزامها بتقديم الدعم اللازم لتنفيذ البرنامج.

كذلك، اعتمدت "الاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء/ النزوح بالمنطقة العربية"، كوثيقة استرشادية وإنفاذ حقوقهم بهدف التصدي لأوضاع الأطفال اللاجئين/ النازحين في المنطقة العربية والتعامل مع ظروفهم المعيشية.

واعتمدت أيضاً التوصيات الصادرة عن دراسة "عمل الأطفال في المنطقة العربية"، تمهيداً لإعداد استراتيجية إقليمية لمكافحة عمل الأطفال لمواجهة انتهاكات حقوق الطفل، تمهيداً لإعدادهم ككوادر شابّة واعدة قادرة على دخول سوق العمل، وهم متمتعون بالمهارة ولديهم القدرة على الإنتاج.

القطاع الخاصّ وتمويل التنمية... والشباب

في هذا الشأن، رحّبت القمة بنتائج المنتدى الرابع للقطاع الخاص العربي، الذي عقد على هامش القمة العربية ، وبنتائج المنتدى الرابع للشباب العربي الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية، ونتائج المنتدى الرابع للمجتمع المدني.

القمة المقبلة بعد 4 أعوام

وقرر القادة عقد القمة العربية التنموية الخامسة بعد أربعة أعوام، في موريتانيا، لمتابعة ما تم إنجازه من مقررات وما جاء في هذا الإعلان، ودراسة مشاريع وموضوعات تهمّ العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، وجرى تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة بمتابعة ذلك، وتقديم تقارير دورية بالتقدم المحرز إلى القمم العربية.