العدد 1596 /10-1-2024

يبحث خبراء الاقتصاد الإسرائيليون خيارات ما بعد الحرب على غزة، ويستنتجون من المؤشرات القائمة حالياً أن الأزمة لن تكون عابرة على الاقتصاد الإسرائيلي وإنما طويلة الأمد. وساهمت عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في القطاع، إضافة إلى الصراعات الإسرائيلية الداخلية في رفع النفقات إلى مستويات قياسية، وصولاً إلى تكاليف تبلغ نحو 200 مليار شيكل (54 مليار دولار).

أما المعالجات فلن تكون سهلة المسار. وقال كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية شموئيل أبرامسون، خلال ندوة عبر الإنترنت عقدت في الجامعة العبرية، بعنوان " الاقتصاد الإسرائيلي بعد يوم من الحرب"، ونقلها موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، أن "ميزانية الدفاع كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي سترتفع من 4.6 إلى حوالي 6 في المائة، في سيناريو متفائل نسبيًا سنعود عقدًا من الزمن إلى الوراء".

وأضاف: "إذا كان هناك في الماضي توتر داخلي بين الأمن والاقتصاد، فمن الواضح لنا الآن أن الحرب بحاجة إلى الانتهاء بطريقة جيدة من أجل استعادة ثقة المستثمرين". وبحسب أبرامسون، فإن "الحرب لا تشبه أي شيء شهدناه في العشرين عامًا الماضية من حيث التأثيرات على الاقتصاد. هذا حدث سيؤدي إلى بعض التغييرات هنا، سواء على المدى القصير في عام 2024 أو بشكل دائم. الإنفاق الدائم الكبير هو زيادة في ميزانية الدفاع".

وعرض أبرامسون معدل الإنفاق على الأمن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والذي انخفض تدريجياً خلال العقد الماضي ووصل إلى 4.6 في المائة، وأوضح أن الوضع الحالي لن يستمر، إذ إن ارتفاع ميزانية الدفاع كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 6 في المائة يمثل ضررًا بنسبة 1.4 في المائة للناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من حجم الميزانية بأكملها لكل من التعليم العالي في إسرائيل ووزارة الرفاه الاجتماعي، أو ميزانية وزارة الأمن الداخلي".

كما أشار أبرامسون إلى تأجيل الدخول إلى سوق العمل، بسبب تمديد الخدمة الإلزامية: "مسألة الوقت لها أهمية أيضاً، فتأجيل الدخول إلى العمل لمدة عام يقدّر أن يؤدي إلى خسارة 0.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا عبء بمليارات الشواكل". وأضاف أبرامسون أنه "على المدى القصير لن يكون هناك مفر من زيادة الديون والإيرادات، بما في ذلك الزيادات الضريبية".

بدوره، أشار مدير قسم الأبحاث في بنك إسرائيل، عدي براندر، خلال الندوة ذاتها، إلى سوق العمل وقال إنه "قبل الحرب، كان الاقتصاد الإسرائيلي في مستوى التشغيل الكامل تقريبا. وفي العامين التاليين لكورونا، كان النمو مرتفعا بشكل غير عادي، لذلك ليس من المتوقع العودة إلى هذه الأرقام". وأضاف أن هناك انخفاضا في معدل البطالة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني مقارنة بشهر أكتوبر، ويرجع ذلك، من بين أمور أخرى، إلى استئناف الدراسة.

وادعى كل من براندر وأبرامسون أن علاوة المخاطرة التي يطالب بها المستثمرون في الاقتصاد الإسرائيلي ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الحرب، وأكدا على الحاجة إلى عمال في صناعة البناء، في ظل توقف وصول العمال الفلسطينيين إلى مواقع العمل.

أما كبيرة الاقتصاديين في شركة فينيكس للاستثمارات رينات أشكنازي فقالت: "لم يبق قطاع واحد لم يسجل انخفاضاً كبيراً جداً، منذ بداية عام 2023، يمكن رؤية تأثير مشروع الإصلاح القضائي، ومن ثم تأثير عملية 7 أكتوبر". وبشكل عام، قدرت أشكنازي أن هذه الأحداث أدت إلى انخفاض سعر صرف الشيكل بنسبة 18 في المائة.

وعن تكاليف الحرب قالت: "شهراً بعد شهر، نفاجأ بشدة. لم نكن نعتقد أننا سنصل إلى تكاليف حوالي 200 مليار شيكل، وما زلنا في منتصف الحدث". (الدولار 3.71 شواكل). وبحسب أشكنازي، هناك فجوة بين الطريقة التي تنظر بها الهيئات في إسرائيل إلى الوضع والطريقة التي يُنظر بها إليه في الخارج: "نحن نبدو أسوأ بكثير في عيون المستثمرين الأجانب مما في أعيننا. لقد فوجئنا باكتشاف التشاؤم الكبير لدى وكالة موديز، وأيضاً في محادثاتنا مع الهيئات الأخرى، رأينا، على الأقل في بداية الحرب، أن الوضع من الخارج بدا أسوأ بكثير".