العدد 1611 /1-5-2024
ايمن حجازي

رفعت الديبلوماسية الفرنسية من مستوى مشاركتها في رعاية الوضع اللبناني فزجت بوزير خارجيتها الشاب وأرسلته إلى الشرق الأوسط كي يزور لبنان والكيان الصهيوني وبعض الممالك الأخرى في المنطقة. وكان ظاهر هذه الحركة الفرنسية لبنانيا وباطنه إسرائيلي بحت متعلق بالأوضاع الحربية القائمة في شمال فلسطين وجنوب لبنان. وكانت الورقة الفرنسية المتعلقة بأسلوب تطبيق القرار الدولي ١٧٠١، هي مدار البحث في بيروت وتل أبيب وعدد من العواصم الأخرى. ولكن الجواب الحاسم جاء من المقاومة الإسلامية اللبنانية والقائل بأن نقطة البداية في أي معالجة للجبهة اللبنانية- الصهيونية الملتهبة تبدأ بوقف إطلاق النار وإيقاف مذبحة غزة التي ما زالت ترتكبها القوى الصهيونية الحاكمة في الكيان الغاصب.

وكان الموفد الأميركي المميز هوكشتاين يقف خلف الأبواب منتظرا المسعى الفرنسي كي يكمله ويتممه ويدفع به باتجاه الحلحلة وإيقاف الجرح الصهيوني النازف من جنوب لبنان. وذلك مع الاعتراف بحجم التكلفة المدفوعة من قبل أهل الجنوب اللبناني وأهل المنطقة الحدودية على وجه التحديد بالأنفس والأموال والأملاك. حيث يعبر الشعب اللبناني في خلال هذه المواجهة عن تضامنه المطلق مع أهل غزة المجاهدين الذين يدافعون بدماء أبنائهم عن شعوب المنطقة بأكملها. وقد ثبت من خلال التحركات الفرنسية المشار إليها أن هناك حاجة ماسة لدى القادة الصهاينة ولدى الإدارة الأميريكية للسعي إلى عدم تدحرج المواجهة الميدانية مع لبنان إلى مستويات أعلى من التصعيد. حيث إن حسابات تلك الجهات تفيد بأن أثمانا باهظة سوف يدفعها المجتمع الصهيوني من جراء نشوب حرب شاملة مع حزب الله. وإن مخاطر نشوب مواجهة شاملة في المنطقة مرجحة في هذه الحالة وهذا ما تخشاه الإدارة الأميريكية وحلفاؤها الفرنسيون والبريطانيون والأوروبيون...
أما الساحة الداخلية اللبنانية فإنها شهدت استمرارا في الجهود المبذولة من قبل القوى السياسية اللبنانية المعادية للمقاومة والمتناغمة مع الجهات الأوروبية والأميركية الحليفة للدولة الصهيونية، لإيجاد عملية ضغط لبناني داخلي تردع المقاومة وتعيق عملها المبارك المتضامن مع فلسطين وأهلها. وفي ذلك تكرار ممجوج وبشع لما فعلته هذه القوى في مراحل سابقة من تاريخها، ابتداء من صيف ١٩٨٢ وانتهاء بحرب ٢٠٠٦. حيث دأبت تلك القوى على محاولة طعن المقاومة في ظهرها وإشغالها في مواجهات داخلية عديدة. وكان لقاء ما يسمى ب "المعارضة" في معراب، آخر تلك التحركات المضبوطة بالإيعازات الأميركية والأوروبية المتصلة بالمصلحة الصهيونية الأمنية والسياسية بشكل مباشر. وقد تخلى معظم هؤلاء عن مفاعيل الخجل السياسي في بيئاتهم السياسية والاجتماعية، خصوصا لدى أولئك المرتبطين تمثيليا بالشارع الإسلامي، من الذين وقفوا مواقف يندى لها الجبين غير عابئين بمواكب تشييع الشهيدين مصعب وبلال خلف في شوارع مدينتهم وهي متوجهة إلى مسقط رأسيهما في ببنين العمارية المجاهدة المخلصة والمحبة لفلسطين وغزة وشعبها المجاهد. وقد نسي هؤلاء أن الشعب لا ينسى وان يوم الحساب السياسي والانتخابي قادم لا محالة وان الشارع الإسلامي اللبناني وفيا لفلسطين وأهلها وأبطالها المقاومين.
الأمر الجديد في كل ما سلف ذكره هو أن وزير خارجية فرنسا الجديد سيكتسب خبرة ديبلوماسية وفيرة من جراء غوصه بالملف اللبناني المزدحم وان لقاءات بيروت ستغني تجربته المهنية لا ريب في ذلك. بالمناسبة أعتذر لأني لم أذكر اسم وزير خارجية فرنسا الجديد الشاب اليافع ستيفان سيجورنية- وفقه الله-...
أيمن حجازي