العدد 1584 /18-10-2023
بسام غنوم

يقف لبنان واللبنانيين على اهبة الاستعداد لما هو قادم في ضؤ التطورات المتسارعة على جبهة الجنوب في مواجهة العدو الصهيوني ، حيث يخشى بعد اللبنانيين من تطور المواجهات المحدودة حتى الآن في جنوب لبنان الى حرب مفتوحة مع العدو الصهيوني الذي يبدي تحفظا في فتح الجبهة الشمالية مع لبنان.

لكن تسارع الاحداث في غزة وفلسطين المحتلة قد يفتح الباب امام معركة مفتوحة على كل الاحتمالات، ومنها قيام حزب الله وحركتي حماس والجهاد الاسلامي بهجوم واسع على المستوطنات الاسرائيلية في الجليل الاعلى مما قد يفتح الجبهة اللبنانية على حرب كبيرة قد تمتد الى حرب اقليمية في ظل التهديدات اليومية التي يطلقها الرئيس الاميركي جو بايدن ضد حركة حماس وايران وحزب الله ، وقال بايدن خلال مقابلة مع برنامج "60 دقيقة"، إنه "يجب القضاء على حركة حماس بالكامل، لكن يجب أن تكون هناك سلطة فلسطينية وطريق لدولة فلسطينية". وتابع: "القضاء على حزب الله في الشمال وحماس في الجنوب ضرورة".

لكنه في الوقت نفسه حذر إيران وحزب الله من تصعيد الحرب أو عبور الحدود إلى شمال إسرائيل.

وهذه المواقف التي اصبح يطلقها بصورة شبه يومية الرئيس الاميركي بايدن تجاه حركة حماس وايران وجزب الله بقدر ما تثير مخاوف من عدوان اميركي على لبنان اذا فتحت جبهة الجنوب على مصراعيها و خصوصا في ظل الحشود العسكرية الاميركية غير المسبوقة في المنطقة لحاملات الطائرات الاميركية والسفن الحربية المرافقة لها ، بقدر ما تعكس خوف وتهيب الادارة الاميركية من نتائج اي معركة لقواتها في لبنان وغزة ، وهو ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن لشبكة "سي بي إس" CBS، حيث اعتبر " إن إسرائيل سترتكب خطأ كبيرا إذا احتلت غزة، مشيرا إلى أنه لا يرى ما يدعو لمشاركة قوات أميركية في الصراع الدائر حاليا بين إسرائيل والفلسطينيين".

وتترافق هذه المواقف الاميركية مع خلافات في وجهات النظر بين بعض السياسيين الاسرائيليين في المشهد الحزبي والائتلاف الحكومي حول طبيعية وحجم التوغل البري المتوقع في غزة ، وذلك خشية التورط وعدم تحقيق الأهداف، وتسجيل المزيد من الإخفاقات والفشل عقب معركة "طوفان الأقصى" التي يرى فيها بعض المحللين الاسرائيليين انتصارا معنويا كبيرا للفلسطينيين.

والسؤال الذي يطرحه الكثير من اللبنانيين في هذه الايام هو : هل هناك حرب جديدة بين لبنان والعدو الاسرائيلي في الايام القادمة ؟

من الصعب جدا اعطاء جواب واضح ونهائي حول احتمال تطور المواجهات القائمة في الجنوب الى حرب مفتوحة مع العدو الصهيوني من عدمه ، ذلك ان هذا الامر مرتبط بامور كثيرة لعل اهمها هو قيام العدو الاسرائيلي بمغامرة الهجوم البري على غزة بهدف القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، وهو ما قد يؤدي الى سقوط الآف المدنيين الفلسطينيين في غزة بين قتيل وجريح وتدمير ما تبقى من مبان ومؤسسات ، اي احتمال حدوث مجزرة بشرية بحق الفلسطينيين في غزة .

عند هذه النقطة سوف تسقط كل الخطوط الحمر التي تحكم المواجهات القائمة في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة بين حزب الله والعدو الصهيوني ، حيث لن تبقى قوى المقاومة في لبنان وفي مقدمها حزب الله على الحياد ، وما يجري حاليا من مواجهات محدودة في في الجنوب بين حزب الله والعدو الصهيوني ، وقيام حركتي حماس والجهاد الاسلامي باختراق الحدود مع فلسطين المحتلة وسقوط عدة شهداء لهم في هذه المواجهات الا مقدمة للمواجهة الكبرى مع العدو الصهيوني اذا قرر هذا العدو المجرم القيام بعملية برية في غزة ، وقد اكد ذلك وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان بعد زيارته لبنان ولقلءه مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله فقال : "إطّلعت من نصرالله على التطورات الميدانية للمقاومة في فلسطين ولبنان وأي خطوة سيقدم عليها "حزب الله" سينتج عنها زلزال كبير ضد اسرائيل".

والزلزال الكبير بلا شك هو قيام حزب الله بفتح جبهة الجنوب نصرة لغزة ، وهذا الاحتمال كبير وكبير جدا في ظل العنجهية الصهيونية المدعومة اميركيا واوروبيا ومن بعض الدول العربية .

لكن يبدو انه في ظل العجز الاسرائيلي عن مواجهة حركة حماس في غزة ولجوء اسرائيل الى الانتقام من المدنيين العزل في غزة ، وفي ضوء الخسائر العسكرية والمعنوية التي اصابت العدو الصهيوني بعد معركة "طوفان الاقصى" ، ومع تصاعد النقمة العالمية على الجرائم الصهيونية في غزة ، من المستبعد قيام اسرائيل بأي مغامرة عسكرية في غزة قد تكلفها اضعاف ما تكبدته في بداية معركة "طوفان الأقصى" ، و هو ما قد يفتح الباب امام الوصول الى وقف لاطلاق النار في غزة .

بالخلاصة يمكن القول الامور في لبنان مفتوحة على كل الاحتمالات ، وحتى الآن هناك تساو في احتمالات الحرب وبقاء الامور كما هو جار حاليا ، لكن لايمكن لاحد ان يعرف الى اين ستتجه الامور ، والامر بيد الله من قبل ومن بعد .

بسام غنوم