العدد 1582 /3-10-2023

دعا البيت الأبيض إلى انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب الأميركي "سريعاً" بعدما صوت المجلس، الثلاثاء، لصالح إقالة رئيسه كيفن مكارثي من منصبه، إذ أدت الخلافات بينه وبين زملائه الجمهوريين إلى دفع الكونغرس إلى مزيد من الفوضى، بعد أيام فقط من تفاديه بصعوبة إغلاق الحكومة.

وجاء في بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار: "نظراً إلى التحديات الملحة التي تواجه بلدنا، يأمل الرئيس بايدن أن ينتخب مجلس النواب رئيسا له سريعاً".

وأضاف البيان أن الرئيس الأميركي "يتطلع للعمل مع مجلس النواب لمعالجة أولويات الأميركيين عندما يتحمل المجلس مسؤوليته وينتخب رئيساً على وجه السرعة".

وجاء التصويت بواقع 216 مقابل 210 لصالح إقالة مكارثي فيما تعد المرة الأولى في التاريخ التي يقيل فيها مجلس النواب رئيسه، وهو ما جاء بدعم مجموعة صغيرة نسبياً من الجمهوريين اليمينيين.

وقاد التمرد النائب مات غيتس، وهو جمهوري من اليمين المتطرف عن ولاية فلوريدا وخصم لمكارثي، كان يتهمه بعدم بذل ما يكفي من جهد لخفض الإنفاق الاتحادي.

وقال غيتس للصحافيين بعد التصويت "كيفن مكارثي ... وصل إلى السلطة من خلال جمع أموال منافع خاصة وإعادة توزيع تلك الأموال مقابل خدمات".

وكانت تلك أحدث اللحظات المشحونة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون خلال عام، بعدما دفع المجلس واشنطن إلى حافة التخلف عن سداد التزاماتها، وأيضاً إلى حافة إغلاق جزئي للحكومة.

ويسيطر الجمهوريون على المجلس بأغلبية بسيطة بواقع 221 مقعداً، مقابل 212، ما يعني أنهم لا يستطيعون خسارة ما يزيد على خمسة أصوات إذا اتحد الديمقراطيون ضدهم.

وهذا ما حدث الثلاثاء، إذ صوت ثمانية جمهوريين مع 208 ديمقراطيين لصالح إقالة مكارثي من منصبه.

يترك التصويت الكونغرس في حالة من الضبابية، بينما يسعى جاهداً لتحديث برامج دعم المزارع والتغذية، وتمرير مشاريع قوانين التمويل الحكومي، والنظر في تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.

ولم يتضح من سيخلف مكارثي.

وقد يكون قادة جمهوريون آخرون، مثل ستيف سكاليس وتوم إيمير، مرشحين لكن لم يبد أي منهم اهتمامه بالمنصب علانية. وتم تعيين عضو آخر في فريق القيادة، هو النائب باتريك مكهنري، في المنصب بشكل مؤقت.

وقد تنحى آخر رئيسين جمهوريين للمجلس، وهما بول رايان وجون بينر، من الكونغرس بعد خلافات مع اليمين.

ومن الناحية النظرية، يمكن للمشرعين التصويت لصالح إعادة مكارثي إلى منصبه.

وخلال نقاش دار في قاعة مجلس النواب، انتقد غيتس وبعض حلفائه مكارثي لاعتماده على أصوات الديمقراطيين لتمرير التمويل المؤقت الذي أدى إلى تفادي الإغلاق الجزئي للحكومة.

أما أنصار مكارثي، وبينهم عدد من المحافظين البارزين، فقد قالوا إنه نجح في الحد من الإنفاق والدفع بأولويات أخرى لدى المحافظين على الرغم من سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، وحذروا من أن مكاسبهم التي تحققت ستكون في خطر إذا عزلوا زعيمهم.

"متفائل"

ولم يجد مكارثي أي دعم من الديمقراطيين، على الرغم من تكهنات بأن بعضهم قد يصوت لصالحه لإبقاء المجلس في حالة توازن.

وقال الديمقراطيون إنهم يعتبرون مكارثي غير جدير بالثقة بعدما خرق اتفاقاً بشأن الإنفاق مع الرئيس جو بايدن، كما أنهم يشعرون بالغضب من قراره إعطاء الضوء الأخضر لإجراء تحقيق لعزل الرئيس.

وما لبث مكارثي أن عقد مؤتمراً صحافياً، مساء الثلاثاء، أعلن فيه أنّه لن يترشّح للمنصب الذي عزل منه للتو، حتى وإن كان النظام الداخلي لمجلس النواب يسمح له بذلك.

وقال "لقد كنت الرئيس الخامس والخمسين لمجلس النواب، وهذا شرف من بين الأعظم. لقد أحببت كل لحظة قضيتها" في هذا المنصب، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّه "متفائل" رغم كل ما حصل له.

ولم يتمّ مكارثي عامه الأول في رئاسة مجلس النواب، إذ إنّه انتخب في هذا المنصب في يناير/ كانون الثاني، بعد مفاوضات شاقة ومضنية تعيّن عليه خلالها أن يقدّم تنازلات كبيرة لحوالي عشرين نائباً من أنصار ترامب، بما في ذلك أن يتمكّن أيّ نائب ساعة يريد من أن يدعو لإجراء تصويت لتنحيته، وهو ما فعله غيتس في النهاية.

"غير جدير بالثقة"

ووصف "الائتلاف الديمقراطي الجديد"، وهو كتلة من المشرعين الديمقراطيين المؤيدين لقطاع الأعمال، مكارثي بأنّه "ببساطة غير جدير بالثقة".

وبدا عزل مكارثي شبه محتوم بعدما شجّع زعيم الأقليّة الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز نواب الحزب على الإطاحة برئيس المجلس.

وجرى تصويت أوّلي على مقترح لـ"تأجيل النظر" بمذكرة غيتس، ما يعني عملياً وأد محاولة الإطاحة برئيس المجلس، لكنّ جيفريز طلب من النواب الديمقراطيين التصويت ضدّ هذه المبادرة.

والتزم كلّ النواب الديمقراطيين بتوصية جيفريز، وكذلك فعل 11 نائباً جمهورياً متمرداً، فسقط مقترح وأد مذكرة العزل.

واستدعى خروج هذه الصراعات الداخلية التي تمزّق الحزب الجمهوري إلى العلن ردّاً من ترامب.

وقال الرئيس السابق على منصّته "تروث سوشل" للتواصل الاجتماعي "لماذا يقضي الجمهوريون وقتهم في الجدال في ما بينهم؟ لماذا لا يقاتلون الديمقراطيين اليساريين المتطرّفين الذين يدمرون بلادنا؟".

ويعود آخر تصويت أجراه مجلس النواب الأميركي لعزل رئيسه إلى أكثر من قرن من الزمن، في حين أنّها المرة الأولى على الإطلاق التي يطيح فيها المجلس برئيسه.