1570/12-7-2023

نايف زيداني

خرج آلاف المحتجين على قرارات حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى الشوارع اليوم الثلاثاء، وأغلقوا الطرق السريعة الرئيسية وعطّلوا طريق مطار بن غوريون الرئيسي، ضمن الاحتجاجات العامة ضد خطط التعديلات القضائية التي أحدثت انقساماً كبيراً.

وانطلقت الاحتجاجات صباح الثلاثاء، بعد منح الائتلاف البرلماني لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموافقة المبدئية على مشروع قانون للحد من صلاحيات المحكمة العليا الرقابية، والمضي قدماً في التعديلات المقترحة المثيرة للجدل بشأن السلطة القضائية، على الرغم من المعارضة الواسعة.

والتشريع هو واحد من مشروعات قوانين عدة اقترحها حلفاء نتنياهو المتطرفون. وأثارت الخطة شهوراً من الاحتجاجات المستمرة من المعارضين الذين قالوا إنها "تقود إسرائيل نحو الحكم الاستبدادي".

وخرج نشطاء مناهضون للتعديلات في مظاهرات حاشدة على مستوى الأراضي المحتلة على مدار اليوم، بينها احتجاجات واسعة عصر الثلاثاء في مطار بن غوريون. وقدّر تجمع أكثر من عشرة آلاف شخص أمام الصالة الرئيسية، ونفخوا أبواقاً ولوّحوا بأعلام دولة الاحتلال الإسرائيلي. وأبعدت الشرطة الحشد عن الصالة، لكن السفر لم يتعطل، وفق ما نقلت "أسوشييتد برس".

وقال آدي سوميخ، أحد المحتجين: "حرب أهلية! أعتقد أننا متجهون لذلك المسار إن لم يتوقّفوا".

وخرجت احتجاجات واسعة منذ قدمت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة خطة التعديلات القضائية في يناير/ كانون الثاني، بعد يوم على توليها الحكم. وأدت الاحتجاجات لتعليق نتنياهو الخطة في مارس/ آذار، لكنه قرر إعادة إحيائها الشهر الماضي بعد انهيار محادثات تسوية مع المعارضة السياسية. ومنح التصويت البرلماني ليلة الإثنين/ الثلاثاء زخماً جديداً للاحتجاجات.

واستخدمت الشرطة المياه لإبعاد المتظاهرين الذين أغلقوا طريقاً رئيسياً يؤدّي إلى القدس المحتلة، واعتقلت عدداً من الأشخاص الذين قطعوا الطريق السريع بجوار مدينة موديعين (وسط). كذلك أغلق المتظاهرون طريقاً سريعاً رئيسياً في حيفا بلافتة كبيرة كتب عليها "معاً سننتصر"، ما أدى إلى ازدحام حركة المرور.

وأعلنت الشرطة اعتقال 66 شخصاً في المجمل، فيما اشتبك المحتجون مع الشرطة في عدة مواقع، لكن لم يقع عنف كبير.

في الأثناء، قال وزير الأمن الإسرائيلي يؤاف غالانت، مساء الثلاثاء، إن "الدعوات التي تُسمع في هذه الأيام، لتشجيع العصيان والتوقف عن التطوّع من قبل جنود الاحتياط (في جيش الاحتلال)، تشكّل تهديداً لوحدة الصف، وهي خطيرة وتمثّل هدية لأعدائنا".

وأضاف غالانت، خلال كلمة له: "قوة الجيش الإسرائيلي تستند إلى وحدة صفوفنا أمام أعدائنا. أناشد ممثلي الجمهور من اليمين واليسار، دعوا السياسة خارج الجيش".

وأردف وزير الأمن الإسرائيلي أن "العصيان يمسّ بالجيش، وبالمؤسسة الأمنية وبأمن إسرائيل. الجيش هو وسيلة الحماية التي تمنح الحياة لدولة إسرائيل، وعلينا جميعاً أن ندين العصيان أو الدعوات لعدم الامتثال للخدمة العسكرية، وأن نتذكّر جيدًا أن مصيرنا واحد".

قبل ذلك بوقت قصير، وبعد تصديق الكنيست على تقليص حجة "المعقولية" التي تحد من صلاحيات القضاء، بالقراءة الأولى، أعلن بعض جنود قوات الاحتياط البحرية، الذين كان من المقرر تجندهم للخدمة الاحتياطية في الفترة القريبة، أنهم لن يصلوا إلى الخدمة "حتى إشعار آخر".

وخلال نهار الثلاثاء، التقى مئات الطيارين العسكريين المنخرطين في جيش الاحتياط، من أجل بحث سُبُل العمل ضد خطوات الحكومة لتقويض القضاء. والتقى الطيارون جنود احتياط من عدة وحدات، بينها وحدات خاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ونقل موقع "والاه" عن مصدر مطّلع لم يسمه قوله: "كانت ثمة حاجة لعقد اللقاء اليوم، من أجل الرد على السؤال: ما هو الأمر الصحيح الذي يجب القيام به الآن؟".

وذكر الموقع أن جنود احتياط في سلاح الجو شاركوا في الآونة الأخيرة بتنفيذ هجمات جوية في الشرق الأوسط، قالوا إن المجموعات المختلفة المنظمة للاحتجاجات المناهضة لخطة التعديلات القضائية تمارس عليهم "ضغوطاً شديدة" لمعارضة التشريع بشكل علني، والإعلان عن توقفهم عن التطوع في خدمة الاحتياط.

واقترح حلفاء نتنياهو سلسلة من التعديلات على النظام القانوني تهدف إلى إضعاف ما يرونها "سلطات مفرطة لقضاة غير منتخبين".

وتشمل التعديلات المقترحة منح حلفاء نتنياهو القول الفصل في تعيين القضاة ومنح الكنيست سلطة إلغاء قرارات المحكمة. ويهدف التشريع المقترح إلى تجريد المحكمة العليا من سلطتها في مراجعة "معقولية" قرارات الحكومة، وهي ضمانة يقول المؤيّدون إنها ضرورية لمنع الفساد والتعيينات السياسية غير الملائمة.

حكومة نتنياهو، التي تولت في ديسمبر/ كانون الأول، من أكثر الحكومات تطرفاً وتشدداً في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.

وقال منتقدو الخطة إنها ستخلّ بنظام الضوابط والتوازنات الهش، وتكرس السلطة في أيدي نتنياهو وحلفائه. وأشاروا أيضاً إلى أن القرارات الجديدة ستصبّ في صالح نتنياهو الذي يحاكم بتهم الاحتيال وخيانة الأمانة وقبول رشاوى، وهي تهم نفاها كلها.

وانضمت قطاعات واسعة، بينهم ضباط الاحتياط وقادة الأعمال، إلى الاحتجاجات. وأثارت الاضطرابات المستمرة قلق المستثمرين الأجانب، وتسببت في انخفاض قيمة العملة المحلية.