ايمن حجازي

تتكثف الطروحات المتعلقة بالقانون اﻻنتخابي الصادرة عن التيار الوطني الحر، وتنهمر اقتراحات القوانين التي يبادر الوزير جبران باسيل إلى إعلانها والتي كان آخرها اقتراح يوم اﻻثنين الماضي وﻻقى ردود فعل متفاوتة بين القوى السياسية اللبنانية. وقد استنكفت باقي الجهات اللبنانية عن تقديم اقتراحات قوانين انتخابية في اﻵونة اﻷخيرة بعد وصول اﻷبحاث في هذا الموضوع إلى حائط مسدود في أكثر من مناسبة. 
   وقد ظن البعض أن الطروحات التي توضع على مائدة البحث، من قبيل رفع العتب ليس إﻻ، لوجود قناعة راسخة بأن تأمين إجماع الأطراف اللبنانية على قانون انتخابي مستحيل في ظل تضارب الرؤى وتناقض المصالح بين أقطاب الساحة اللبنانية.
ويستبعد هذا البعض أن يكون التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل غافلين عن هذه اﻻستحالة في التوصل الى قانون انتخابي يرضي الجميع، ما يجعل الجميع مجدداً أمام الخيارين المرفوضين من قبل الرئيس ميشال عون، أﻻ وهما التمديد للمجلس النيابي الحالي أو إجراء اﻻنتخابات النيابية استناداً الى قانون الدوحة. واذا كان الحال على ما هو عليه فإن الفراغ يهدد بشكل جدي السلطة التشريعية، ويهدد الموقع والدور السياسي الذي يقوم به الرئيس نبيه بري، ما يوحي بأن بعض اﻷطراف السياسية، وفي طليعتها التيار الوطني الحر، ترغب في دفع رئيس المجلس النيابي إلى السعي للتمديد لهذا المجلس تلافياً للفراغ الذي يهدد السلطة اﻻشتراعية. والنتيجة الحتمية لهذا السعي المفترض أن يدفع إليه الرئيس بري سيكون إحراجاً سياسياً يصيب موقفه وضعفاً يطاول موقعه السياسي، وهذه محصلة بنيوية في هيكل السلطة اللبنانية الذي تعرض لتعديلات مهمة بفعل «اتفاق الطائف». وبات في حساب العديد من القوى المسيحية أن الطائف قد أحدث خللاً ﻻ بدّ من اصلاحه، وهو خلل جعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ عام 1992 الرئيس اﻷكثر فاعلية من الرؤساء الثلاثة، وذلك بعد أن كان رئيس الجمهورية الماروني قبل اتفاق الطائف رئيساً تتسع صلاحياته بشكل كبير، حتى بدا وكأنه حاكم مطلق الصلاحية.
فهل حان أوان اصلاح « الخلل» المزعوم في هذه اللحظات الحرجة من عمر الوطن؟ وهل تصدق هذه التوقعات أم أنها مجرد ظنون وأوهام في مخيلة المتشائمين وسيئي الظن ممن ينفخ في كير التسعير الطائفي والمذهبي في بلد اﻻزدحام الطائفي والمذهبي؟ 
في اﻻجابة عن الفرضية السابقة المتعلقة بكيفية تعاطي الرئيس نبيه بري مع احتماﻻت الفراغ في السلطة التشريعية، يفترض أن يكون الرجل محاذراً جداً من الوقوع في فخ المطالبة بالتمديد أو السعي اليه تحت وطأة الخشية من الفراغ. ولكن محاذير أخرى متصلة بمصادرة الحق التشريعي من قبل السلطة التنفيذية، وتحديداً من قبل الرئيس ميشال عون، وبطرق دستورية التفافية، قد تدفع الرئيس بري إلى دفع اﻷمور أو تشجيع قوى أخرى للسعي إلى التمديد كخيار من خيارات أبغض الحلال المشهور باللجوء إليها في اﻷوقات الصعبة... وكل أوقاتنا باتت صعبة. 
لن يكون هذا اﻷمر ملقىً على عاتق الرئيس بري حصراً، بل ان القضية ستكون مطروحة على بساط البحث أوﻻً مع الشريك اﻷقرب ممثلاً بحزب الله ومن ثم مع اﻷقرب فاﻷقرب: النائب سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط فالرئيس نجيب ميقاتي... وحتى الرئيس سعد الحريري، الذين يمكن أن يرشحوا أنفسهم كي يكونوا من أعداء الفراغ النيابي الذي سيحاول التخفي خلف الحرص على الديموقراطية والقانون اﻻنتخابي الذي يفوق بأهميته «العهد» كما قيل منذ نحو أسبوعين.