العدد 1345 / 16-1-2019
أيمن حجازي

يأتي اللقاء التشاوري الماروني الذي انعقد في بكركي بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي في ظل ازدحام التعقيدات السياسية على الساحة اللبنانية التي كان من أهمها حالة العقم الكبير بالنسبة لتشكيل الحكومة ، وانفجار الخلاف حول انعقاد القمة العربية الإقتصادية وما يتصل بمشاركة سوريا وليبيا في هذه القمة . فضلا عن عدة مفردات سياسية مختلف على مضامينها في المارسة السياسية لأهل الحكم في لبنان . مع ملاحظة أن الكلمة الإفتتاحية لهذا اللقاء التي ألقاها البطريرك الراعي قد أشارت الى عدة مخاوف وهواجس مسيحية ومارونية مزمنة كان لا بد من التعبير عنها من خلال هذا اللقاء .

وقد تميز هذا اللقاء الذي انعقد بعد أكثر من عامين من التئام آخر اجتماع للقوى السياسية المارونية ، بغياب القادة الموارنة الكبار أو قادة الصف الأول ... حيث العماد ميشال عون قد بات في سدة الرئاسة الأولى ما يحول بينه وبين حضور هذا اللقاء . أما سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية فقد تغيب بفعل غياب الصف الأول عن هذا الاجتماع . وكذلك حذا حذوه الرئيس أمين الجميل الذي كان قد أسند رئاسة حزب الكتائب الى نجله سامي الجميل وبات هو خارج السياق التمثيلي لهذا الحزب الذي يمارس فيه دورا توجيهيا ليس الا . ويبقى تيار المردة الطرف الماروني الوحيد الذي حضر رأس الهرم السياسي والتنظيمي فيه من خلال النائب السابق سليمان فرنجية .

وبات الحضور القيادي الماروني المتقدم في هذا اللقاء مؤلف من وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان . أما البطريرك الماروني بشارة الراعي فانه على تخوفه الدائم من استغلال حالة الفراغ الحكومي الحاصل في لبنان للإقدام على خطوات انقلابية عبر مؤتمر تأسيسي ما يستبدل المناصفة الحالية بالمثالثة المتخوف منها على واقع المسيحيين اللبنانيين وحاضرهم ومستقبلهم . وهذا ما يمثل نفخا في كير الأوهام الطائفية للمسيحيين الذين يخشون الاختلال الديموغرافي لغير مصلحتهم في حين أن الواقع يقول بتفسخ البنية المذهبية للمسلمين السنة والشيعة واضطرابها لمصلحة العودة المسيحية والمارونية الى محاولة استعادة بعض الامتيازات السلطوية التي كانت سائدة في جمهورية ما قبل دستور الطائف الذي لم يحدث التوازن المطلوب موضوعيا بل اكتفى بإحداث تعديلات جزئية في بنية النظام السياسي الذي ما يزال زاخرا بالإمتيازات الجائرة . وقد جاء كلام الرئيس نبيه بري عن العودة الى ٦ شباط ١٩٨٤ في سياق خوضه لمحاولة تأجيل انعقاد القمة الإقتصادية العربية كي تشكل مسوغا لتعزيز المخاوف المشار اليها في الساحة المارونية .

وكانت القوى المسيحية الكبرى ممثلة بالتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية في هذا اللقاء في غير وارد الإنجرار الى مشهد " المخاوف " المشار اليه بعد أن أضاف كل من هذين الطرفين السياسيين المارونيين الى نفسيهما صفة القوة المترتبة على فوزهما المتوازي في الإنتخابات النيابية الأخيرة تحت عنواني ... الجمهورية القوية ... ولبنان القوي ... فهما قوتين مارونيتين يحملان سيف الدفاع عن مسيحي لبنان والمشرق العربي ولا يأبهون لمخاوف بكركي وسيدها ، وهي مخاوف ينبغي الإحتفاظ بها الى مراحل ضيق أخرى ليس وقتها الآن . خصوصا أن كلا الطرفين يمتلكان حلفاء مسلمين أقوياء يتنافسون على طمأنة المسيحيين وتأكيد حرصهم على قدسية الوضع القائم وفي طليعتها المناصفة الطيبة الذكر ... اننا نتكلم هنا عن حزب الله كحليف قوي وثابت للتيار الوطني الحر وعن تيار المستقبل كحليف قوي وراسخ لحزب القوات اللبنانية . وللحقيقة السياسية تتمة ...