العدد 1335 / 31-10-2018
أيمن حجازي

الاشتباكات المسلحة التي اندلعت داخل مخيم الميّة ومية الفلسطيني شرقي مدينة صيدا ، جاءت متميزة بأبعادها السياسية والأمنية , وذلك بعد أن استغل البعض هذا الحدث المؤسف ليعيد فتح الملف الفلسطيني بمفردات شبيهة بالمفردات التي تم اللجوء اليها في بداية الحرب الأهلية اللبنانية , ما أسهم آنذاك في تأجيج الحرب والفتنة الداخلية وأدخلنا في أتون لم نتمكن من الخروج منه الا بعد خمسة عشر عاما ... خروجاﹰ غير نهائي وفق ما هو متوافر من معطيات سياسية موضوعية . والجميع يعلم أن هذا الاستغلال للحدث الأمني الفلسطيني له أبعاد طائفية ومذهبية سلبية لا بدّ أن تنعكس على الوضع الداخلي اللبناني .

الا أن الأبعاد الأكثر خطورة لهذا الحدث الأمني تتجلى من خلال الاهتمام الأميركي الذي برز مؤخرا بأوضاع المخيمات الفلسطينية الأمنية والعسكرية , والذي ترجم زيارات متكررة لوفود عسكرية أميركية رفيعة المستوى ، كررت الطواف والتجوال حول مخيم عين الحلوة منذ بداية العام الحالي , ما يعكس وجود نوايا أميركية تدفع الى هذا الاهتمام المتزامن مع عدة خطوات اتخذت في العام الحالي في الموضوع الفلسطيني , وكان في مقدمها الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني , وحجب المساهمة الأميريكية عن الأنروا ... وهذا ما يجعل من الحدث الأمني الذي أصاب مخيم المية ومية حدثا مشبوها له وظيفة محددة متعلقة بفتح الملف الأمني الفلسطيني في لبنان , وإثارة ضوضاء كبيرة حوله من عدة جهات لها تاريخها في إثارة التناقض اللبناني -الفلسطيني . وتأسيساﹰ على كل ذلك جاء الموقف الذي أعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أكثر حدة وتصعيداﹰ , حيث طالب بتدخل فوري ميداني من قبل الجيش اللبناني الذي يعالج الوضع في ذلك المخيم وفق مقتضيات المصلحة الوطنية , بعيدا عن التنافس الحزبي الهادف الى خطب ود أهالي بلدة المية ومية المسيحيين الذين يعانون من أحداث المخيم مثلهم مثل الأحياء الصيداوية في سيروب والفيلات والفوار وحارة صيدا وغيرها من المناطق التي تتأذى من الاشتباكات دون تمييز طائفي أو مذهبي . وكان مؤسفا اضفاء هذا الطابع الطائفي والمذهبي على حيز واحد من السكان المدنيين المجاورين للمخيم والمتضررين من تلك الاشتباكات.

وبات من الواضح أن الجيش اللبناني وقيادته تقاوم محاولات البعض في الداخل والخارج للزج بقوى الجيش وقطاعاته في معركة مجانية تستنزف قواه في حرب للمخيمات أو لمخيم من المخيمات . وذلك بعد أن نجح الجيش بالتعاون مع قوى لبنانية وفلسطينية صادقة و جادة في الحؤول دون الانزلاق الى أي صدام لبناني فلسطيني لا يستفيد منه الا العدوّ الصهيوني . علماﹰ أن بعض الأوضاع الحرجة ، وخصوصا تلك المتعلقة بوجود بعض المطلوبين أو الناشطين أمنياﹰ في مخيمات فلسطينية , وتحديداﹰ في أكبر هذه المخيمات في عين الحلوة .

الا أن ثمة أصواتاﹰ لبنانية وفلسطينية قد ارتفعت لتأجنار الفتنة ولتدعو الى شكل من أشكال الحسم العسكري ، من خلال مقولة التحالف والتنسيق بين الشرعيتين اللبنانية والفلسطينية , في خديعة ظاهرة تمعن في إدارة الظهر للمصلحة الوطنية اللبنانية والفلسطينية التي تتطلب المعالجة الهادئة والحكيمة للوضع في مخيم الميّة ومية .

ايمن حجازي