العدد 1342 / 19-12-2018
أيمن حجازي

هل انقشعت الغمامات السود في فضاء الحكومة العتيدة المكلف بتشكيلها الرئيس سعد الحريري ، وهل ستولد التشكيلة الحكومية قبيل نهاية العام ٢٠١٨ ؟ سؤال يطرحه الجميع بعدما بلغت الأمور حدا معقدا أهدرت في غماره سبعة من الشهور تلت الإنتخابات النيابية الأخيرة التي خلطت الأوراق وأوجدت معادلات سياسية جديدة وميزان قوى جديد داخل المجلس النيابي وداخل الحكومة المفترضة .

وقد طال الجزء الأخير من الحل ما يسمى بالعقدة السنية التي تلت حل العقدة الدرزية فالعقدة المارونية ... وقد ضاعت بين هذه العقد الكبيرة عقدا صغيرة كالعقدة الأرمنية التي نتجت عن وجود وزير أرمني من ضمن حصة حزب القوات اللبنانية ما حرم الأحزاب الأرمنية وخصوصا حزب الطاشناق امكانية الحصول على المقعدين الأرمنيين في حكومة الثلاثين وزيرا . وقد كان لافتا أن إخراج الحل للعقدة السنية قد جاء على يد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي لا يفتأ يضيف الى سجل مبادراته الناجحة مبادرة جديدة يفترض أن تنقذ الوضع السياسي في البلد من خلال الإفراج عن التشكيلة الحكومية العتيدة . وذلك بعد مبادراته الأمنية العديدة التي شملت إطلاق راهبات معلولا وإنهاء أزمة المحتجزين العسكريين اللبنانيين لدى داعش والنصرة .

ولم يسكت رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن واقعة الحل الأخير للعقد الحكومية ، ولم يمرر الموضوع دون أن يشير الى أنه طرح الاقتراح الذي أعتمد أخيرا لحل العقدة السنية قبل ثلاثة أشهر ما شكل وقتا ضائعا ومهدورا فاقم في حدة الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد والتي دأب على التحذير من خطورتها على الدوام . وكان اقتراح بري يتمحور حول توزير أحد النواب السنة الستة من حصة رئيس الجمهورية ، دون أن يلتفت الى التعديلات الجوهرية التي طالت هذا الاقتراح وفي طليعتها تمثيل هؤلاء النواب من خارج اللقاء التشاوري لسُنة الثامن من أذار .

ويحلو للبعض أن يجري مقارنة بين السبعة أشهر التي استغرقها تشكيل الحكومة الحالية ( باذن الله ) والمدد التي استغرقتها الحكومات السابقة التي شكلت في العقد الأخير . فحكومة الرئيس تمام سلام استغرقت تسعة أشهر وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستة أشهر وحكومة الرئيس سعد الحريري الأولى حوالي أربعة أشهر . وهذا ما يخفف من سوء الفعل السياسي لأرباب الساحة السياسية اللبنانية الذين ساهموا كل على طريقته بتأخير ولادة حكومتنا العتيدة .

ثمة حقائق سياسية ظهرت خلال السبعة أشهر الماضية يمكن أن يكون أهمها :

أن عهد الرئيس ميشال عون " القوي" قد فقد شيئا من هذه الإندفاعة القوية التي تكللت بها صورته قبل عامين ، وذلك من جراء التعثر في ولادة حكومته الأولى كما رغب العهد نفسه أن يسميها .

أن التسوية الرئاسية بين الرئيسين عون والحريري والتي سمحت بإنهاء الفراغ الرئاسي قبل أكثر من عامين قد تم انقاذها بعد أن كادت تسقط بالضربة القاضية بفعل نية الرئيس عون توجيه الرسالة الشهيرة الى المجلس النيابي أو التلويح بها ما أثار أجواء سياسية ومذهبية محتدمة .

حصول تباين سياسي عملاني هام بين "حزب الله" والرئيس ميشال عون الذي دعم موقف الرئيس الحريري من قضية تمثيل سنة الثامن من أذار في مقابل وقوف "حزب الله" الى جانب أولئك النواب أو خلفهم وفق احدى " الروايات " .

بروز الدور السياسي المميز للواء عباس ابراهيم في حل المعضلة الحكومية وفي فكفكة العقدة السنية مما ضاعف السؤال الكبير الذي يهمس به الجميع : " أي مستقبل وأي دور سياسي ينتظر هذه الشخصية الأمنية المميزة " ؟

ايمن حجازي