محمد أحمد حمود

أولياء الله لهم مواصفات كثيرة نسرد منها عشر مواصفات جمعتها عموماً ومجملاً، فمن وجد ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه.
أولاً: إخلاصهم العمل لله لا يريدون بعملهم الا وجه الله، وجاء في الحديث «أول من تسعّر بهم النار ثلاثة: قارئ قرأ القرآن، يقول الله: أقرأتك القرآن وعلمتك العلم، فماذا فعلت به؟ قال: قمت به آناء الليل وأطراف النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل تعلمت العلم ليقال عالم وقد قيل، خذوه إلى النار، فيدهده على وجهه في النار» وكذلك الغني وكذلك الشجاع.
ثانياً: يرضون برسول الله | إماماً ويحكمونه ويقتدون به، ويكون أحب إليهم من أسماعهم وأبصارهم، يقول عليه الصلاة والسلام في ما صح عنه: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. وقال تعالى: >فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِما قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً< النساء: 65.
ثالثاً: يحبون ويبغضون في الله، قال تعالى: >إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الذِينَ يُقِيمُونَ الصلاةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ< المائدة:55. ويقول | فيما رواه أبو داود: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان».
رابعاً: سلامة صدورهم للمسلمين، فلا يجدون غلاً ولا حقداً ولا حسداً ولا غشـاً لعباد الله عزّ وجل، لا يحقد أحدهم حقداً ذريعاً على إخوانه وذلك لأنهم خالفوه في جزئيات أو فرعيات. >وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ< الحجر:47.
خامساً: حرصهم على إتمام الفرائض والتزوّد بالنوافل، وصحّ عنه | أنه قال في ما يرويه عن ربه: ما تقرّب إليّ عبدي بأحب ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به...
سادساً: يفهمون الواقع فهماً عميقاً ويتعاملون مع مجرياته بالدقة والحذر، يقول الله عزّ وجل >وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ<، ومما تبيّن لنا أن فهم الواقع الإسلامي يستلزم أدباً كاملاً يوازي ذلك الأدب الذي يستلزم فهم الدين. وليس كل من ادّعى فهم الواقع والتعامل معه أصاب في ادعائه.
سابعاً: يأمرون بالخير ويأتونه، وينهون عن المنكر وينهون عنه، بالحكمة قبل الموعظة، وعلى قاعدة أن إنكار المنكر إذا كان سيؤدي إلى منكر أعظم منه فالواجب تركه، أو إن ترتّب عليه ضرر يصيب غيره من أهله أو جيرانه في أنفسهم أو حرماتهم كذلك الواجب تركه. أما أن يتحوَّل الأمر والنهي والصدع «بالحق» إلى اندفاعات عاطفيَّة غير مدروسة، وحماسات وقتيَّة غير مستبصرة، فليس هذا من المصلحة في شيء، وليست العبرة بالمقاصد والنيَّات فحسب، فكم من مريد للخير لم يبلغه.
ثامناً: يحبون الجماعة ويكرهون الفرقة، ويسعون إلى جمع الشمل ونبذ الاختلاف، قوة الأمة وعزتها في اجتماعها وتماسكها ونبذ أسباب تمزيقها، وليس في كثرتها وتشتتها.
تاسعاً: يعودون إلى الكتاب والسنّة عند التنازع عن طريق أولي العلم والنهى، المشهود لهم بالدراية والفهم العميق والموضوعية، إذ ليس كل من حفظ كتاباً أو كتب مقالاً او ارتقى منبراً أو تعمّم طاقية أو أسس جمعية أو تبعه شابان.. صار قائداً مرجعاً لكل الشؤون والعلوم، يسرح ويمرح ويهوي بالسفينة.
عاشراً: يقولون الحق ولا يحملهم الهوى على القول الباطل، آخذين في الحسبان أن الشريعة هي جلب مصالح ودرء مفاسد، وحيثما تكون المصلحة فثمّ شرع الله.