العدد 1342 / 19-12-2018
الدكتور وائل نجم

يوم الأربعاء يبحث مجلس الأمن الدولي قضية الأنفاق التي أعلنت قوات الإحتلال الإسرائيلي أنها اكتشفتها على طرف الحدود من ناحية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقالت إنها تبدأ من داخل لبنان إلى داخل تلك الأراضي، وأرفقتها بسلسلة طويلة من التهديدات والتحذيرات إلى الداخل اللبناني، والتعبئة إلى العالم والداخل الإسرائيلي. كما تقدّمت بشكوى إلى مجلس الأمن بزعم أن لبنان، وحزب الله، خرق قرار المجلس رقم 1701.

في المقابل تقدم لبنان أيضاً بشكوى أمام مجلس الأمن ضد الخروقات الإسرائيلية المتكررة التي تكاد تكون شبه يومية للقرار الدولي 1701 , سواء كان ذلك جوّاً أو بحراً أو حتى برّاً.

وقبل بضعة أشهر ساقت حكومة الإحتلال الإسرائيلي سلسلة اتهامات ضد لبنان عندما زعم رئيس كيان الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن حزب الله يقيم مصانع لتطوير منظومة صواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ونشر صوراً لتلك المصانع المزعومة من على منصّة الأمم المتحدة. وكذلك فعل الناطق باسم قوات الإحتلال عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وقد دحضت وزارة الخارجية اللبنانية في حينه تلك الإدعاءات عندما نظّم وزير الخارجية، جبران باسيل، جولة لعدد من سفراء الدول العربية والغربية و الاعلاميين إلى محيط المطار، وإلى الموقع المذكور تحديداً , ويتبيّن أنه لا يحوي على أي شيء من تلك الإدعاءات.

وقبلها بفترة وجيزة تحدثت تقارير غربية عن استخدام حزب الله لمطار بيروت من أجل تسريب شحنات أسلحة متطورة وصاروخية من إيران، ومن ثم نشرها في بقية المناطق اللبنانية.

إلى ذلك ضغطت الولايات المتحدة الأمريكية على الدولة اللبنانية لمنع تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود في مطار بيروت، من ضمن العقوبات الأمريكية على إيران، وحذّرت من أن أي خرق لهذا القرار سيسبب مشكلة للطائرات اللبنانية في أغلبية دول العالم التي تلتزم العقوبات الأمريكية، فضلاً عن شركات الطائرات الأمريكية.

اليوم , تكشّفت بعض الأسباب وراء كل تلك الحملة، فقد نقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن مصادر أميركية أن "نقاشاً اندلع بين الإدارة الأميركية وحلفائها، حول امكانية تعديل مهمة قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان "اليونيفيل"، حتى تشمل مراقبتها حركة الطائرات المدنية التي تهبط في مطار بيروت الدولي، وإن تعذر توسيع المهمة، فإن المسؤولين الاميركيين يدرسون امكانية تخفيض موازنة القوة الدولية وعديد افرادها بنسبة الثلثين".

إذاً , هي عملية سيطرة تدريجية على مفاصل البلد بشكل شبه مباشر، ومن ثم خنق تدريجي لحزب الله كجزء من تشديد العقوبات على إيران، ومن غير المستبعد في مثل هذه الحالة أن تتمدد مهمة اليونيفل إلى المرفأ، أو بالأحرى المرافىء، وإلى كل نقاط الحدود بما يشبه وقوع لبنان تحت احتلال مقنّع، أو إذا شئتَ : الخروج من هيمنة إلى هيمنة أخرى.

الحديث عن هذه الأمور والخطط لا يعني أنها ستنجح أو ستكون قدراً لا بدّ منه، فالمنطقة تعيش مرحلة من الشد والجذب والتحوّل السريع على مستوى التحالفات، فضلاً عن تبدّل الأولويات وإعادة جدولتها عند معظم الأطراف المعنيّة بما يجري في هذه المنطقة، ومن هنا لا بدّ من أن يكون لبنان حكومة وعهداً حذراً في المرحلة المقبلة من أية "دعسة" ناقصة تجعل اللبنانيين يدفعون المزيد من الأثمان في ظل هذا الوضع المعيشي والاقتصادي الكارثي.

                                                                                                                                                                                                                        الدكتور وائل نجم