العدد 1344 / 9-1-2019
بسام غنوم

اطاحت الخلافات حول الحصص والحقائب الوزارية بكل الوعود التي قطعت للبنانيين بولادة الحكومة قبل فترة أعياد الميلاد ورأس السنة ، ومع بداية العام الجديد 2019 بدت الأمور فيما يتعلق بالمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة وكأنها عادت الى نقطة الصفر .

فحزب الله الذي يحمل لواء تمثيل نواب سنة 8 آذار , عاد مجدداﹰ الى نغمة تحميل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مسؤولية التعطيل الجاري في عملية تشكيل الحكومة , لا بل ان لهجة "حزب الله" تبدلت من مطالبة الرئيس المكلف بالتعجيل بتشكيل الحكومة الى التهديد بمطالب جديدة بعد شهر أو شهرين كما قال النائب حسن فضل الله الذي اعتبر "أن الاقتراحات التي بين يدي الرئيس المكلف اليوم هي أفضل له مما يمكن أن يأتيه بعد شهر أو شهرين ، لأنه بعد هذه المدة يمكن أن يغير البعض رأيه" ، وقد ترافق موقف "حزب الله" الجديد مع عودة رسائل الودّ مع اتيار الوطني الحرّ وتحديداﹰ مع الوزير جبران باسيل الذي رفض عضو المكتب السياسي الشيخ نبيل قاووق تحميله مسؤولية التعطيل في تشكيل الحكومة , وقال : "لا تخطئوا في العنوان" , فهل هذا التبديل في المواقف من المسؤول عن تعطيل تشكيل الحكومة هو أمر عمليات جديد لاستهداف الرئيس سعد الحريري ؟

تبدو الامور بعد تغير المعطيات من تشكيل الحكومة من التفاؤل الى التشاؤم , وصولاﹰ الى حالة الشلل الكامل في المشاورات حول الحلول المناسبة للأزمة الحكومية , أن هناك فريقاﹰ لا يريد تشكيل الحكومة الا اذا كانت على شاكلته السياسية ووفقاﹰ لما يريد ويرغب .

فبعد تنجز كل الحلول المطروحة لحل ازمة تمثيل نواب سنة 8 آذار بفعل اصرار الوزير جبران باسيل على ان يكون ممثل النواب السنة جزء من "تكتل لبنان القوي" ويحضر اجتماعاتهويلتزم قراراته ، وهو ما أدى الى الاطاحة بالحل المتمثل بتوزير جمال عدره الذي رفض ايضاﹰ اعتباره ممثلاﹰ " للقاء التشاوري" لسنة 8 آذار ، ومع تصاعد الحملات الاعلامية بين التيار الوطني الحر و "حزب الله" على خلفية مواقف الوزير جبران باسيل ، وبعد اجتماع بين وفد من قيادة "حزب الله" مع الرئيس عون في قصر بعبدا لتدارك التوتر في العلاقة على خلفية الخلاف حول الموضوع الحكومي ، عادت الامور بقردة قادر الى المربع الأول بين "حزب الله" والتيار الوطني الحرّ وتوجهت السهام مجدداﹰ نحو الرئيس المكلف سعد الحريري الذي اتهمه "حزب الله" بعرقة التأليف واعتبر النائب حسن فضل الله "ان المشكلة الحقيقية في تأخير تشكيل الحكومة تكمن في عدم اعتراف الرئيس المكلف بالآخر , و هو اللقاء التشاوري" . وارفق موقفه هذا بتصريح قال فيه "هي أفضل له مما يمكن أن يأتيه بعد شهر أو شهرين ، لأنه بعد هذه المدة يمكن أن يغير البعض رأيه" .

الا ان اللافت في هذه المواقف المستجدة هو انها جاءت قبيل القمة الاقتصادية العربية المقرر انعقادها في لبنان في 19 و 20 الشهر الجاري ، حيث كشفت المصادر أن الثنائي الشيعي وتحديداﹰ "حزب الله" ابلغ بعبدا عدم موافقته على استضافة لبنان للقمة الاقتصادية بدون دعوة سوريا بصورة رسمية ، وغاب عن بال "حزب الله" وفريق 8 آذار أن النظام السوري أعلن قبل أيام قليلة بحديث عن "لائحة الارهاب السورية" والتي تضمنت شخصيات سياسية ورجال دين وجمعيات ومنهم الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع ، وكل من ساعد في تخفيف الآلام والمعاناة عن الشعب السوري الذي فرّ بمئات الآلاف الى لبنان وغيره من لدول المجاورة هرباﹰ من براميل نظام الأسد المتفجرة .

فكيف يمكن للمدافعين عن النظام السوري ولا سيما "حزب الله" وفريق 8 آذار ان يتناسوا هذه المواقف التي يطلقها النظام السوري بحق الرئيس سعد الحريري وغيره من القيادات اللبنانية ويعتبرونها وكأن شيئاﹰ لم يكن ويطالبون بدعوة النظام السوري الى حضور القمة الاقتصادية العربية ؟!

في الخلاصة ، يمكن القول ان التعطيل في الملف الحكومي كما يعلم الجميع وكما صار واضحاﹰ للجميع كما قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الهدف منه وضع اليد على لبنان بالكامل ، وان تكون الحكومة الجديدة ممثلة لفريق من الللبنانيين وليس لكل اللبنانيين . فهل ينجح "حزب الله" وفريق 8 آذار بذلك ؟

بسام غنوم