العدد 1335 / 31-10-2018
قاسم قصير

صوّت مجلس النواب الأميركي في الاسبوع الماضي على مشروع قانون جديد يدعو لفرض عقوبات جديدة وصفت بالقاسية على «حزب الله». وجاء في مشروع القانون أن «العقوبات الجديدة تهدف إلى الحد من قدرة الحزب على جمع الأموال وتجنيد عناصر له، إضافة إلى زيادة الضغط على المصارف التي تتعامل معه وعلى البلدان التي تدعمه وعلى رأسها إيران». وتمنع العقوبات أيضاً أي شخص يدعم الحزب مادياً وبطرق أخرى من دخول الولايات المتحدة.

وتزامنت هذه العقوبات على حزب الله ، مع زيادة الضغوط الاميركية على ايران ، التي يتوقع ان تصل الى مرحلة جديدة في الخامس من شهر تشرين الثاني الحالي.

فماهي الانعكاسات العملية على حزب الله ولبنان وايران ؟ وكيف ستتم مواجهة هذه العقوبات؟.
الانعكاسات العملية للعقوبات الاميركية

يعطي مشروعالكونغرس الجديد حول العقوبات على حزب الله الرئيس الأميركي صلاحية رفع حظر إعطاء تأشيرات الدخول ، شرط أن يبلّغ الكونغرس بقراره في فترة لا تتجاوز الستة أشهر، وعلى أن يقدّم أدلة للكونغرس تشير إلى أن قراره يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.

وانتقل مشروع قانون العقوبات الأميركية الجديدة على «حزب الله»، إلى مرحلة متقدمة تطال الداعمين لمؤسسات إعلامية واقتصادية واجتماعية مرتبطة به، فيما بدت أنها «محاولة عزل الداعمين للحزب الذي يزداد الحصار المالي عليه»، كما قال خبراء معنيون بالعقوبات الاميركية.
ويفرض المشروع لأول مرة عقوبات على داعمي «بيت المال» وشركة «جهاد البناء» المعنية بتنفيذ أعمال بناء، فضلاً عن مؤسسات الحزب الإعلامية، مما يهدد المعلنين الذين يبثون إعلانات لهم في تلك القنوات، علماً بأن العقوبات باتت أوسع من مؤسساته العسكرية، وباتت تطال الشريحة الاجتماعية التي تتعاون معه، مما « يساهم في تضييق الخناق عليه أكثر»،.
وفي حين يسعى القانون الجديد إلى «زيادة الضغط على المصارف التي تتعامل معه »، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تصريحات له : «نحن بصفتنا المصرف المركزي أصدرنا تعاميم مرت عليها فترة من الزمن، ولا تعاميم جديدة، وهذه التعاميم تجعل لبنان ممتثلاﹰ للقوانين في دول نتداول عملتها أو نتعامل مع مصارفها». وأشار في حديث اعلامي «هذه التعاميم هي نفسها كافية مهما كانت العقوبات الجديدة، لذا لا جديد في هذا الموضوع».
ويفرض المشروع أيضاً عقوبات على «مجموعة هيئة دعم المقاومة»، و«قسم العلاقات الخارجية للحزب»، و«قسم الأمن الخارجي للحزب»، وتلفزيون «المنار»، واذاعة «النور»، و«المجموعة الإعلامية اللبنانية»
، و"بيت المال» اي مؤسسة القرض الحسن التي تتولى تقديم قروض مالية للمحتاجين.
وقال الباحث في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري، إن العقوبات «عادة ما تكون ضمن ثلاث فئات: العقوبة على الشخص نفسه، وتطال مصالحه أو ثروته، وفئة العقوبة التي تطال المؤسسة التي تقوم بنشاط لصالح الحزب، والفئة الثالثة تطال المموّل»، لافتاً إلى أن القانون يطال الفئة الثالثة بشكل أساسي.

وبموازة ذلك تسعى الادارة الاميركية للتضييق على ايران وفرض عقوبات جديدة بهدف محاصرتها وعزلها في المنطقة وقطع التواصل بينها وبين حلفائها ولا سيما حزب الله.

خيارات المواجهة

لكن ماهي خيارات حزب الله وايران لمواجهة هذه العقوبات ؟ وهل ستنعكس هذه العقوبات على لبنان ومؤسساته الرسمية ولا سيما بعد تشكيل الحكومة الجديدة؟

على صعيد حزب الله ، من المعروف ان الحزب يعتمد أليات مالية من خارج الانظمة المالية التقليدية، فالحزب ومؤسساته وقياداته وكوادره ليس لديهم حسابات مالية في المصارف وليس لهم علاقات مع المؤسسات الاميركية، ولذلك لم تؤد العقوبات الاميركية الى اي انعكاسات مباشرة على الحزب ودورته المالية، لكن توسع العقوبات الاميركية على شخصيات ومؤسسات من البيئة القريبة من الحزب او المتهمة بدعم الحزب فانه ترك بعض الانعكاسات على هذه المؤسسات وادى الى اقفال بعضها ، لكن ذلك لم يؤد الى تراجع دور الحزب في السنوات الاخيرة.

اما العقوبات على ايران والتي عادت الى التصاعد مؤخراﹰ فقد تركت انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الايراني في الاشهر الاخيرة، لكن القيادة الايرانية نجحت في استيعاب الصدمة الاولى ، وهي تنشط حاليا لاستيعاب العقوبات الجديدة وخصوصا فيما يتعلق بمنع تصدير النفط الايراني ، وقد تعاونت ايران مع الدول الاوروبية وروسيا والصين وتركيا ودول اسيوية اخرى لمنع اي تأثير كبير لهذه العقوبات.

وبالنسبة للبنان ومؤسساته الرسمية والحكومية والجيش اللبناني والمؤسسات الامنية والمصرفية، لم نشهد حتى الان أي تأثير عملي مباشر، وقد نجحت المؤسسات اللبنانية المصرفية والمالية في استيعاب العقوبات الاميركية والتعامل معها بواقعية، وان كان هناك تخوف من تصاعد هذه العقوبات مستقبلا في ظل وجود لوبيات لبنانية وعربية واسرائيلية في اميركا تضغط من اجل زيادة هذه العقوبات وشمولها المؤسسات اللبنانية الرسمية.

وبالاجمال يبدو ان المواجهة مستمرة بين الادارة الاميركية وحزب الله وايران وقد نشهد المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة ، وقد تترك هذه العقوبات بعض الانعكاسات العملية على الحزب وايران ، لكنها لن تؤدي الى توقف المواجهة والصراع وتصاعد دور الحزب ، بانتظار التسوية الكبرى في المنطقة كلها.

قاسم قصير