العدد 1349 / 13-2-2019
قاسم قصير

تواجه الحكومة الحريرية الجديدة تحديات عديدة من اجل تنفيذ الوعود التي اطلقتها لمواجهة الفساد وتأمين حاجيات المواطن اللبناني ، والتحول الى ورشة عمل حقيقية لانجاز المهمات المطلوبة منها.

لكن اضافة لمهمات الحكومة التقليدية او الاستثنائية ، فان موضوع الدعوة لعقد مؤتمر حوار وطني سيكون ايضا من ضمن الاهتمامات الاساسية للمسؤولين اللبنانيين والاحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني ، خصوصا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد وعد بالدعوة لعقد هذا المؤتمر لبحث الاستراتيجية الدفاعية، في حين ان الرئيس نبيه بري كان قد طالب بإقامة الدولة المدنية في لبنان ، في حين ان قوى وشخصيات سياسية ومدنية تدعو لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف والبحث في كل النقاط التي لم تنفذ منه ومراجعة ما جرى تطبيقه .

فهل آن الاوان لعقد مؤتمر الحوار الوطني؟ وهل سيتولى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الدعوة لهذا المؤتمر ام تبادر قوى سياسية ومؤسسات المجتمع المدني لتبني هذه الدعوة؟

الحاجة لعقد مؤتمر الحوار الوطني

بداية ماهي الاسباب والمبررات لعقد مؤتمر الحوار الوطني اليوم؟

اضافة للوعد الذي اطلقه الرئيس العماد ميشال عون في اكثر من تصريح بالدعوة لعقد مؤتمر للحوار الوطني لبحث الاستراتيجية الدفاعية وموضوعات وطنية اخرى، فان المفاوضات لتشكيل الحكومة الاخيرة وما رافقها من مواقف وتصريحات واشكالات اكدت الحاجة اليوم قبل الغد لضرورة عقد مثل هذا المؤتمر.

فاضافة لبحث الاستراتيجية الدفاعية وكيفية مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان ، فان هناك العديد من القضايا والموضوعات التي تتطلب البحث والحوار بموازاة عمل الحكومة الجديدة ومجلس النواب وغيرهما من المؤسسات الوطنية . ومن المواضيع الاساسية التي ينبغي الحوار حولها باسرع ما يمكن : مستقبل العلاقة مع سوريا وكيفية ترميم هذه العلاقة بعد السنوات الثمانية العجاف ، ويرتبط بهذا الموضوع ملف النازحين السوريين ودور لبنان في اعمار سوريا وكيفية التعاون لمواجهة خطر الارهاب ، استكمال تطبيق اتفاق الطائف وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية, وتشكيل مجلس الشيوخ والذهاب نحو برلمان غير طائفي وتطوير قانون الانتخاب الحالي ، وتحديد دور وموقع لبنان وعلاقاته العربية والدولية والاقليمية في ظل صراعات المنطقة من خلال الاستفادة من اعلان بعبدا ونظرية النأي بالنفس، البحث في ملف اللامركزية الادارية وقضايا التنمية والرؤية المستقبلية لدور لبنان المالي والاقتصادي ، موضوع الدولة المدنية الذي طرحه الرئيس نبيه بري والذي سبق ان تبنته العديد من القوى والجهات السياسية والمدنية، حماية السلم الاهلي ورفض العودة للصراعات الطائفية والمذهبية.

من يدعو للحوار الوطني

لكن من سيتولى الدعوة لعقد مؤتمر الحوار الوطني ؟ وهل يتم الاكتفاء بالعودة للحوار الوطني الرسمي الذي كان يرعاه رئيس الجمهورية؟ ام اننا بحاجة لعقد مؤتمرات حوارية وطنية موازية تضم القوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني؟

مع اهمية المشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالدعوة لعقد مؤتمر للحوار الوطني يضم ابرز القوى السياسية والحزبية والكتل النيابية الممثلة في مجلس النواب اللبناني ، فان هناك رؤية اخرى تعبر عنها بعض القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات الحوارية الاهلية ، وتدعو هذه الجهات لعقد مؤتمرات حوارية وطنية موازية تضم مؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية والحزبية غير الممثلة في البرلمان.

ويعتبر اصحاب وجهة النظر الثانية : ان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بصيغته الرسمية لا يلغي الحاجة لانعقاد مؤتمرات وطنية موازية تتولى مناقشة القضايا الوطنية ، وقد جرى بحث هذه الافكار في العديد من اللقاءات والمؤتمرات التي عقدت مؤخرا بدعوة من ملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار وشبكة السلم الاهلي ، وكذلك من قبل مجموعة ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ، اضافة للقاءات التي تعقدها بعض الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية بهدف اطلاق حوار وطني لتصحيح مسار الدولة ومؤسساتها.

وبالخلاصة , يبدو واضحا ان الحاجة لعقد مؤتمر وطني للحوار او مؤتمرات وطنية لمناقشة كافة القضايا والملفات اصبحت حاجة ضرورية ، وان بدء الحكومة الجديدة لمسيرة العمل بعد نيلها الثقة لا يلغي ابدا ضرورة الدعوة السريعة لمثل هذه المؤتمرات.

قاسم قصير