العدد 1347 / 30-1-2019

بقلم: رنا حاج إبراهيم

ليست جماعة الإخوان المسلمين قادرة بشكل كامل على قيادة بلد عربي برمته، سياسياً واقتصادياً، فما زالت بحاجة إلى خبرة سياسية كافية وجدية، لتصبح قادرة على قيادة مجتمع عربي بأكمله، مع اختلاف مشاربه وأعراقه وطوائفه. ولكن، يجب أن يقال دائماً إن للجماعة باعا طويلا في العمل الجهادي المنظم ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية من خلال ما نعرفه عن حركة حماس. بالإضافة إلى ما ساهم به الإخوان المسلمون في دول كثيرة بدعم فصائل سورية معارضة حاربت نظام الأسد منذ عام 2012، واستمرت حتى وقت طويل في حربها وفي الوقوف ضد ظلم نظام جائر، حاول بكل قوته فرض سيطرته والقضاء على ثورة شعبه.

قد يقول قائل إن عمل هذه الجماعة في سورية لم يكن منظماً بشكل كامل، وقد تسبب ببعض الهزائم في الجيش السوري الحر، لكن الشعب السوري كان في حاجةٍ لمن يصونه ويصون كرامته، من الخطف والسجن والتصفية داخل البيوت وخارجها، فكان لهذه الجماعة، مثلا، مساهمة في إرسال مؤونةٍ إلى بعض المناطق المحاصرة على الحدود السورية - التركية، أو في غوطة دمشق الغربية أو الشرقية اللتين اقترب سكانهما من الموت برداً وجوعاً، جراء الحصار الذي نفذه نظام الأسد عليهم، من دون أن يحرك المجتمع الدولي بشأنهم ساكناً. ويبقى لبعض أنصار الجماعة في تركيا الأيادي البيضاء في إيصال المساعدات الغذائية والمادية للمخيمات التي تعاني من أوضاع صعبة، خصوصا عند المطر أو العواصف.

لست أنا فقط، ولكن أيضا أي صحافي أو صحافية سورية ممن عايشوا ذل اللجوء والانكسار، في تركيا وأوروبا مثلا، يجدون أنفسهم مدفوعين بشدة إلى الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين، سواء التي في تركيا أو في سورية أو الأردن، أو في أي دولة، فهم أناس أخلاقيون ينصرون المظلوم ضد الظالم، ولا يحيكون المكائد، ولا يتعاملون بماديةٍ بحتة، كما تفعل بعض الدول والأحزاب.

وليست جماعة الإخوان حركة سياسية تثير الضغائن والعنصرية، كما تفعل مثلاً جماعة حزب ماري لوبين في فرنسا، أو أي حزب آخر يحاول جر البساط إلى صالحه فقط، وإلى إحداث العداء مع الوجه الآخر للفرنسي، أو لأي إنسان راغب في التأقلم والاندماج مع ثقافات أخرى.

على كل عربي يتوجه بسهامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، في أي بلد عربي، أن يتذكّر ما فعله ، رفعت وحافظ الأسد في الثمانيات من القرن الماضي، ضد جماعة كانت تعتبر يومها حركة سلمية، ضاق بها حال الظلم وأي ظلم، ظلم عربي سوري مسلم ضد سوري آخر.. وكانت قد شبت وقتها "سرايا الدفاع" التي أنشأها رفعت الاسد ، وراحت تنزع حجاب النساء المسنات في وسط دمشق، وتجعل الرجال الدمشقيين يركعون أمام فاشية رفعت، قبل ركوع النساء.

وعلى أي كاتب عربي أن يتذكّر الواقع الذي عاشه الفلسطينيون في مواجهة مدّ إسرائيلي غادر، وأن يتذكّر ما حل بالرئيس المصري السجين، محمد مرسي، الذي انتخب ديمقراطياً، لكن قوى غريبة واجهته، ورأت أن لا أحد من جماعة الإخوان يستحق أن يعتلي السلطة.