العدد 1341 / 12-12-2018

اقامت مؤسسة بيرغوف الالمانية بالتعاون مع السفارتين السويسرية والالمانية في بيروت , مؤتمرا خاصا في الاسبوع الماضي برعاية الرئيس سعد الحريري ممثلا بالوزير جان اوغاسبيان بمناسبة اطلاق كتاب : الحوار الوطني – دليل الممارسين ، وهو يتضمن الاسس التي تعتمد في الحوارات الوطنية وعرض للعديد من تجارب الحوار الوطني في انحاء العالم . وقد شارك في حفل الاطلاق الرئيس السابق ميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة والنائب ياسين جابر والوزير السابق الدكتور طارق متري , وعدد كبير من مسؤولي مؤسسة بيرغوف والسفراء والشخصيات العربية واللبنانية .

فماهي دلالات اختيار مؤسسة بيرغوف اطلاق كتاب الحوار الوطني في لبنان ؟ وماذا يتضمن هذا الكتاب ؟ وهل هناك حاجة اليوم لاطلاق حوار وطني لبناني داخلي للخروج من الازمات القائمة؟

اهمية الكتاب ودلالات اطلاقه في لبنان

تنشط مؤسسة بيرغوف الالمانية منذ حوالي ثلاث سنوات في لبنان في عدة مجالات ، ومنها اصلاح المؤسسات الدينية واطلاق حوار اسلامي- اسلامي , والعمل لمواجهة التطرف والعنف وبلورة خطاب ديني معتدل ، لكنها حرصت على اختيار بيروت لاطلاق الكتاب ، نظرا لاهمية دور لبنان في الحوار وسعي الجهات الرسمية اللبنانية لتحويل لبنان مركزا لحوار الحضارات . وقد ركزت الكلمات التي القيت في المؤتمر على اهمية التجربة اللبنانية في الحوارات الوطنية وماهي القضايا التي يجب التركيز عليها من اجل استكمال هذه الحوارات ، كما جرى عرض بعض التجارب الحوارية في العالم العربي والدروس المستفادة منها والفرص المتوفرة في المستقبل بشأن الحوار.

وتاتي اهمية كتاب الحوار الوطني انه يقدم تفاصيل كاملة حول اليات اطلاق الحوار الوطني وكل التفاصيل التقنية والدستورية والعملية المتعلقة بعملية اطلاق اي حوار وطني في اي بلد في العالم ، وهو يقدم حصيلة تجارب الحوارات الوطنية في حوالي عشرين بلدا ، مع عرض كل التفاصيل والنتائج والخلاصات الناتجة عن هذه الحوارات، وبذلك يمكن ان يشكل هذا الكتاب مرجعا مهما لاي حوار وطني في العالم.

لبنان والحاجة الى الحوار الوطني

لكن هل يحتاج لبنان اليوم لاعادة اطلاق الحوار الوطني؟

شهد لبنان العديد من الحوارات الوطنية منذ تأسيسه حتى اليوم ، وكان الهدف منها اما مواجهة الازمات والحروب التي عانى منها او العمل لتطوير النظام السياسي القائم او معالجة بعض الملفات والقضايا الحساسة. وقد ساهمت الحوارات الوطنية، سواء تلك التي عقدت داخل لبنان او في خارجه ، الوصول الى حلول للعديد من الازمات او وقف الحرب والصراعات التي كانت قائمة ، وان كان بعضها لم يصل الى نتائج عملية في بعض الاحيان.

واليوم , وفي ظل الازمات القائمة التي يواجهها البلد ، سواء على الصعد السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وصولا للتحديات العسكرية والامنية وقضايا النازجين ، تبدو الحاجة ماسة للعودة الى الحوار الوطني الشامل.

ومن اهم القضايا التي يمكن ان تعالج في اطار اي حوار وطني لبناني داخلي : كيفية استكمال تطبيق اتفاق الطائف وانشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية ومجلس الشيوخ , واعتماد نظام انتخابي من خارج القيد الطائفي ، معالجة الثغرات والاشكالات عن تطبيق اتفاق الطائف ، الاستراتيجية الدفاعية ومستقبل سلاح حزب الله والمقاومة، كيفية معالجة مشكلة النازحين السوريين ، العلاقات مع سوريا بعد كل التطورات في السنوات الماضية، تحقيق استقلالية القضاء، العلاقات مع الدول العربية والاسلامية ودور لبنان في المرحلة المقبلة وتحقيق سياسة الحياد او عدم التدخل في الشؤون العربية او سياسة النأي بالنفس، الازمة الاقتصادية والمالية وكيفية مواجهة الدين العام ، الى غير ذلك من القضايا والملفات.

ومن الواضح ان الازمة الحكومية التي يواجهها لبنان اليوم، وغيرها من الازمات عند كل استحقاق انتخابي او عند بروز اي خلاف سياسي او دستوري ، كل ذلك يؤكد الحاجة الى حوار وطني شامل يدرس كل الملفات الساخنة , ولا مانع ان تكون هناك هيئة حوار وطنية دائمة تواكب كل التطورات بانتظار استكمال تطبيق اتفاق الطائف , او الوصول الى صيغة سياسية جديدة تحفظ لبنان وتحميه من الازمات المتفاقمة والتحديات المختلفة الداخلية والخارجية.

قاسم قصير