العدد 1349 / 13-2-2019

محمود الريماوي

يكافح مجلس النواب الأردني لتحسين صورته أمام الجمهور، وعلى الرغم من وجود ست كتل نيابية، إلا أن طابع المشاركة والحضور الفرديين يطغى على الأداء، حيث يُعرف النواب على نطاق واسع بأشخاصهم، لا بالكتل التي ينتسبون إليها. ومع تدنّي شعبية المجلس، يتسلل التوتر إلى أداء بعض النواب وسلوكهم تحت قبة المجلس، وهي ظاهرةٌ متنامية، تزيد من سلبية صورة "ممثلي الشعب"، على الرغم من أن نسبة المنضبطين أكبر من النواب، سريعي الانفعال.

وقد ازدادت أهمية المقعد النيابي بعد ما شهدته الحياة الحزبية من تراجع، ومع انتشار وسائط الاتصال الحديثة التي تبث كلمات النواب تحت القبّة، فيما تتولى وسائل الإعلام "التقليدية"، من إذاعة وتلفزيون وصحف، نقل وقائع الجلسات النيابية، وهو ما شجّع النواب على إلقاء مزيد من المداخلات والكلمات، مع الأخذ في الاعتبار أن النواب يخاطبون، من خلال كلماتهم وتصريحاتهم، قواعدهم الانتخابية أولاً، ويتفاعل معهم جمهورٌ عريضٌ عبر منصّات التواصل الاجتماعي، وقد نجحت نسبة كبيرة من النواب في اكتساب صفة الشخصية العامة، نتيجة أدائها في المجلس، وليس من بينهم النواب الصامتون أو الإنشائيون.

في الأيام القليلة الماضية، جذب مجلس النواب الأردني الثامن عشر مزيداً من الأضواء حوله، بعدما نشر مركز بحث، هو مركز الحياة: راصد، تقريراً إحصائيا عن الأداء النيابي خلال عام، وكان من البارز في التقرير أن متوسط غياب النواب عن حضور الجلسات 21 نائبا في كل جلسة (من أصل 130 نائبا بينهم 20 نائبة)، وأن أحد النواب تغيب 38 مرة عن 60 جلسة. وكان لافتا أن النائب خليل عطية، في حديث له في "راديو البلد" المحلي، قد انتهى إلى أن النائب يتقاضي نحو 700 دينار( أقل قليلاً من ألف دولار) عن كل جلسة، وذلك بقِسمة مجموع رواتبه إلى مجموع الجلسات. وجاء في التقرير أن ثمانية نواب صامتين لم يتقدموا بأية مداخلة طوال عام. ولم تتأخر الأمانة العامة للمجلس عن الرد بالقول، عبر الموقع الإلكتروني للمجلس، إن التقرير "يستوجب توضيحا حول غياب النواب بعذر وبدون عذر، وهو ما افتقر إليه التقرير".

وفي جلسة لمجلس النواب، أخيرا، تساءل رئيس الحكومة، عمر الرزاز، عن سر غياب مسؤولي سلطة العقبة (سلطة إدارية تتمتع باستقلال عن الحكومة في المدينة الجنوبية التي تضم الميناء الوحيد للبلاد) عن الجلسات الرقابية. وقد عقدت الجلسة المشار إليها الثلاثاء (5 شباط الجاري) وأثير فيها تعيين مسؤولين في مواقع قيادية، منها في مدينة العقبة، وقد أثار نواب مسألة هذه التعيينات التي شملت أشقاء لأربعة نواب.

أبرز ما يواجهه المجلس افتقاره، بصورة عامة، إلى الشعبية. وقد طالبت الحراكات التي شهدتها العاصمة عمّان أمام مبنى مجلس الوزراء، غير مرة، بعبارات قاسية، بحل هذا المجلس، وهو ما ينعكس بقدر ملحوظ من التوترات التي تعصف بجلسات المجلس، والتي تبلغ حد المشاجرات العنيفة وقذف المنافض وعبوات المياه، وقد اعتاد الجمهور على هذه المشاهد. وقد فات تقرير "راصد" متابعة عدد المشاجرات ومدى عنفها اللفظي التي شهدها المجلس النيابي، وأن يرصد عددها وأطرافها ومناسباتها، فبينما توقفت العراكات تقريبا في الصروح الجامعية بين الطلبة، فإنها انتقلت إلى قبة البرلمان، وبين من هم في أعمار آباء طلبة الجامعات.

لقد دأب الجمهور على نقد المجالس النيابية وهجائها، ويستخدم وقائع العراكات باعتبارها مادّة

أغلبية النواب لا ينتمون إلى أجسام سياسية، ولا يعرف الجمهور عناوين واضحة لهم" للتندّر، ولكن من دون قيام حملات ترشيد لمراجعة أداء المجالس وتقييمها، ولانتخاب الأكفأ لاحقاً ضمن قوانين انتخابية مفتوحة على المراجعة، وبإقبالٍ ضئيلٍ على الاقتراع في العاصمة والمدن الكبيرة، وبتواصل ضعيف بين النواب والجمهور، وذلك مع أن أغلبية النواب لا ينتمون إلى أجسام سياسية، ولا يعرف الجمهور عناوين واضحة لهم.