العدد 1343 / 2-1-2019

بقلم : نبيل السهلي

ثمة تحولات دراماتيكية تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية بعد إعلان حزب الليكود يوم الاثنين 25-12-2018 موافقة قادة الائتلاف الحكومي على حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة في التاسع من نيسان المقبل، حيث كان من المفترض أن تجرى الانتخابات العامة في تشرين الثاني 2019، ولكن حزب الليكود لجأ إلى تقديم موعد الانتخابات بعد خلافات مع الأحزاب الدينية حول قانون التجنيد الذي يستثني اليهود الأرثوذوكس من أداء الخدمة العسكرية.

واللافت أن قرار إجراء الانتخابات المبكرة جاء في وقت لم يعد فيه الائتلاف الحكومي يمتلك سوى أغلبية ضئيلة في الكنيست بفارق مقعد واحد، حيث يستأثر بـ61 مقعداً من أصل 120 مقعداً، وذلك بعد استقالة وزير الحرب السابق أفيدغور ليبرمان وانسحاب حزبه (إسرائيل بيتنا) من الائتلاف قبل عدة أسابيع. وقد يكون السبب الرئيسي والمباشر لتقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية هو محاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التهرب إلى الأمام من مخاطر إحالته إلى القضاء ومقاضاته بعد اتهامات الفساد التي تطارده منذ فترة طويلة.

يلحظ المتابع للشأن الإسرائيلي بأن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية حزب الليكود اليميني، في وقت تميل فيه استطلاعات الرأي إلى فوز كتلة اليمين بزعامة نتنياهو بأكثرية ضعيفة في الكنيست القادمة خاصة في ظل ترهل المعارضة، كما تؤكد الاستطلاعات أيضاً بأن نتنياهو سينتخب كرئيس لوزراء إسرائيل، حيث لا توجد شخصية أخرى تنافسه من ضمن ائتلافه اليميني. ولهذا يمكن الجزم بأننا سنشهد تشكيل حكومة أكثر يمينية في تاريخ إسرائيل في صيف العام المقبل 2019. وستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية تجاذبات وانقسامات وتحالفات إلى حين موعد الانتخابات المبكرة في ربيع العام المقبل 2019.

وتجدر الإشارة إلى أن أول انتخابات إسرائيلية عامة قد اجريت في كانون ثاني 1949، وتم إطلاق اسم الكنيست على المجلس التأسيسي في العام المذكور، وتم الاتفاق على أن يضم 120 عضوا،وقد ساد حكم حزب العمل في إسرائيل حتى صيف عام 1977، حين تبوأ حزب الليكود السلطة لأول مرة منذ إنشاء إسرائيل في ايار من عام 1948. وتتصف الخارطة الحزبية في إسرائيل بكثرة التشظي والاندماج الحزبي وتشكيل تكتلات قبل كل انتخابات عامة أو مبكرة،

للاستحواذ على مقاعد أكثر في البرلمان (الكنيست )،وتحصل الائتلافات والتكتلات عادة بين أحزاب من طيف سياسي واحد له أهداف ومواقف وخطابات متقاربة من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل، وكذلك بالنسبة للقضايا الجوهرية في إطار الصراع العربي – الإسرائيلي، مثل قضيتي القدس واللاجئين.

والثابت أن الساحة السياسية الإسرائيلية ستشهد تحولات نوعية خلال الشهور القليلة القادمة، حيث ستحصل تشظيات واندماجات حزبية، وكذلك تشكيل أحزاب وتكتلات ستتبنى خطابات سياسية واجتماعية أكثر يمينية، من شأنها الحصول على مزيد من مقاعد الكنيست القادمة.

وثمة خصائص يتمتع بها النظام السياسي في إسرائيل تتضح قبل كل انتخابات، ومن بينها أن الائتلافات والتكتلات تحصل عادة بين أحزاب من طيف سياسي واحد له مواقف متقاربة. وتتآكل أكثر التكتلات مع مرور الوقت، أو تتم عملية اندماج بين أحزابها المختلفة، خاصة عند تشكيل قوائم لخوض الانتخابات، وهذا ما سيحصل أثناء خوض الانتخابات المبكرة في ربيع العام المقبل 2019.

فحزب العمل الذي قاد إسرائيل لسنوات عديدة كان محصلة سلسلة طويلة ومعقدة من الاندماجات بين أحزاب المعسكر اليساري، في حين تشكل «الليكود» من ائتلاف أحزاب اليمين والوسط مع بعض أفراد حزب العمل الذين انشقوا عن حزب العمل وأيدوا فكرة أرض إسرائيل الكاملة، وقد سطع نجم تجمع «الليكود» بعد فوزه في انتخابات صيف عام 1977، الأمر الذي أتاح بعد ذلك للأقلية العربية وأحزابها المختلفة دخول اللعبة الانتخابية في إسرائيل.

ومع صعود الأحزاب الدينية الشرقية والغربية ممثلة بحركتي «شاس» و «المفدال» إلى واجهة العمل السياسي في عقد التسعينات من القرن الماضي، باتت الخريطة السياسية تتشكل من أربعة أطياف رئيسية هي: تكتل حزب العمل وحلفائه، فضلاً عن تكتل «الليكود» وحلفائه، وكذلك لأحزاب الدينية، الغربية والشرقية، وتكتل الأحزاب العربية، وستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية ولادة أحزاب وتكتلات إسرائيلية جديدة خلال الأسابيع المقبلة.

ويبقى القول أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية باتت محسومة حسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية، حيث سيستأثر اليمين بزعامة نتنياهو بأكثرية ضئيلة في الكنيست القادمة بعد الانتخابات المبكرة في نيسان المقبل، وسيشكل نتنياهو حكومته الخامسة بعد فوزه بالانتخابات كرئيس للوزراء، وستكون أكثر حكومة يمينية منذ إنشاء إسرائيل.